إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: قولوا اللهم صل على محمد وعلى آل محمد

          3370- وبه قال: (حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ حَفْصٍ) أبو محمَّدٍ الدَّارميُّ مولاهم البصريُّ / (وَمُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ) أبو سلمة المِنْقَرِيُّ (قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ) العبديُّ مولاهم البصريُّ قال: (حَدَّثَنَا أَبُو فَرْوَةَ) بالفاء المفتوحة والرَّاء السَّاكنة بعدها واوٌ (مُسْلِمُ بْنُ سَالِمٍ الهَمْدَانِيُّ) بفتح الهاء وسكون الميم وبالدَّال المهملة، ونقل الكِرمانيُّ عن الغسَّانيِّ أنَّه قال: يُروَى عن أحمد: أنَّ اسم أبي فروة: عروةُ لا مسلمٌ. انتهى. وفي «تقريب التَّهذيب»: عروة بن الحارث الكوفيُّ أبو فروة الأكبر، ومسلم بن سالمٍ النَّهديُّ أبو فروة الأصغر الكوفيُّ، ويُقال له: الجهنيُّ، لنزوله فيهم، فهما اثنان، لكنَّ الموافق للهَمْدَانيِّ عروة، فليتأمَّل (قَالَ: حَدَّثَنِي) بالإفراد (عَبْدُ اللهِ بْنُ عِيسَى) بن عبد الرَّحمن بن أبي ليلى أنَّه (سَمِعَ) جدَّه (عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي لَيْلَى) _بفتح اللَّامين_ الأنصاريَّ المدنيَّ ثمَّ الكوفيَّ (قَالَ: لَقِيَنِي كَعْبُ بْنُ عُجْرَةَ) بضمِّ العين وفتح الرَّاء المهملتين بينهما جيمٌ ساكنةٌ، البَلَويُّ(1) حليف الأنصار، وعند الطَّبريِّ(2): «وهو يطوف بالبيت» (فَقَالَ: أَلَا أُهْدِي) بضمِّ الهمزة (لَكَ هَدِيَّةً سَمِعْتُهَا مِنَ النَّبِيِّ صلعم ؟ فَقُلْتُ) له: (بَلى، فَأَهْدِهَا لِي) بقطع الهمزة (فَقَالَ: سَأَلْنَا) بسكون اللَّام (رَسُولَ اللهِ صلعم فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ كَيْفَ الصَّلَاةُ) أي: كيف لفظ الصَّلاة (عَلَيْكُمْ أَهْلَ البَيتِ؟) بنصب «أهلَ» على الاختصاص (فَإِنَّ اللهَ قَدْ عَلَّمَنَا‼ كَيْفَ نُسَلِّمُ) زاد الكُشْميهَنيُّ: ”عليكم“ يعني: في التَّشهُّد، وهو قول المصلِّي: السَّلام عليك أيُّها النَّبيُّ ورحمة الله وبركاته، والمعنى: علَّمنا الله كيفيَّة السَّلام عليك على لسانك وبواسطة بيانك (قَالَ: قُولُوا: اللَّهُمَّ) أي: يا الله (صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ) والأمر للوجوب (اللَّهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَآلِ إِبْرَاهِيمَ) ولغير أبي ذَرٍّ: ”وعلى آل إبراهيم“ (إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ) والمرجَّح(3): أنَّ المراد بـ «آل محمَّدٍ» هنا: من حَرُمت عليهم(4) الصَّدقة، وقيل: أهل بيته، وقيل: أزواجه وذرِّيَّته، لأنَّ أكثر طرق الحديث جاء بلفظ: «آل محمَّدٍ» وفي حديث أبي حُميدٍ السَّابق موضعه [خ¦3369]: «وأزواجه وذرِّيَّته» فدلَّ على أنَّ المراد بالآل: الأزواجُ والذُّرِّيَّةُ. وتُعقِّب: بأنَّه ثبت الجمع بين الثَّلاثة كما في حديث أبي هريرة عند أبي داود، فلعلَّ بعض الرُّواة حفظ ما لم يحفظ غيره، والمراد بالآل في التَّشهُّد الأزواج ومن حَرُمت عليهم الصَّدقة، وتدخل فيهم الذُّرِّيَّة، فبذلك يُجمَع بين الأحاديث. وقد أطلق صلعم على أزواجه آل محمَّدٍ، كما في حديث عائشة [خ¦5423]: «ما شبع آل محمَّدٍ من خبزٍ مأدومٍ ثلاثة أيَّامٍ» وقيل: «الآل» ذرِّيَّة فاطمة خاصَّةً، حكاه النَّوويُّ في «المجموع»، وقيل: جميع قريشٍ، حكاه ابن الرِّفعة في «الكفاية»، وقيل: جميع أمَّة الإجابة، ورجَّحه النَّوويُّ في «شرح مسلمٍ»، وقيَّده القاضي حُسَينٌ بالأتقياء منهم.
          وهذا الحديث أخرجه أيضًا في «الدَّعوات» [خ¦6357] و«التَّفسير» [خ¦4797]، ومسلمٌ في «الصَّلاة»، وكذا أبو داود والتِّرمذيُّ والنَّسائيُّ وابن ماجه.


[1] في (م): «البكريُّ»، وهو تحريفٌ.
[2] في (م): «الطَّبرانيِّ»، والمثبت موافقٌ لِمَا في «الفتح» (11/157).
[3] في (م): «والرَّاجح».
[4] في (د): «عليه».