الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب: فرض صدقة الفطر

          ░70▒ (باب: فرض صدقة الفطر)
          قال الحافظ: أضيفت الصَّدقة إلى الفطر لكونها تجب بالفطر مِنْ رمضان، وقال ابن قُتَيبة: المراد بصدقة الفطر صدقة النُّفوس، مأخوذة مِنَ الفطرة الَّتِي هي أصل الخلقة، والأوَّل أظهر، ويؤيِّده قوله في بعض طرق الحديث كما سيأتي: (زكاة الفطر مِنْ رمضان). انتهى.
          اعلم أنَّ هاهنا ثمانية أبحاث ذكرت في «الأوجز»:
          الأوَّل: في حكمها.
          والثَّاني: في معناها لغةً.
          والثَّالث: أنَّ وجوبها لم يُنْسَخ.
          والرَّابع: بيان مَنْ تجب عليه.
          والخامس: متى نزلت صدقة الفطر.
          والسَّادس: ما في «حجَّة الله البالغة» إنَّما وَقَّت بعيد الفطر لمَعَانٍ.
          والسَّابع: ما قالَ العَينيُّ: إنَّ هذا الباب يحتاج إلى خمسة عشر معرفةً بسطت في «الأوجز».
          الثَّامن: اختلافهم في وقت صدقة الفِطر هل هو غروب الشَّمس ليلة الفطر أو طلوع الفجر مِنْ يوم العيد؟
          قوله: (ورأى أبو العالية...) إلى آخره ن(1) كتبَ الشَّيخ في «اللَّامع» ولا يفرِّق هؤلاء بين الفَرض والواجب، فكأن(2) مذهبهم كمذهبنا. انتهى.
          كما هو معروف ولذا ترى أنَّ الإمام البخاريَّ ترجم هاهنا (باب: صدقة الفطر) وسيأتي قريبًا (باب: وجوب الحجِّ) والفرق عند الحنفيَّة بين الفرض والواجب معروف.
          قال الحافظ: قوله: (رأى أبو العالية...) إلى آخره، إنَّما اقتصر البخاريُّ على ذكر هؤلاء الثَّلاثة لكونهم صرَّحوا بفَرْضيَّتها، وإلَّا فقد نقل ابن المنذر وغيره الإجماع على ذلك، لكنَّ الحنفيَّة يقولون بالوجوب دون الفرض على قاعدتهم في التَّفرقة، وفي نقل الإجماع مع ذلك نظر لأنَّ إبراهيم بن عُلَيَّة وأبا بكر الأصَمَّ قالا: إنَّ وجوبها نُسِخ، ونَقل المالكيَّة عن أشهب أنَّها سُنَّة مؤكَّدة، وهو قول بعض أهل الظَّاهر، وابنِ اللَّبَّان مِنَ الشَّافعيَّة، وأوَّلوا قوله: (فَرَضَ) في الحديث بمعنى قَدَّر، قال ابن دقيق العيد: هو أصله في اللُّغة، لكن نُقِل في عُرف الشَّرع إلى الوجوب، والحمل عليه أَولى، قال الحافظ: ويؤيِّده تسميتها زكاة(3). انتهى.
          قلت: وهذا أحد الأبحاث الثَّمانية المشار إليها قَبْل، ونذكر بعضها تتميمًا للفائدة، فالبحث الخامس منها ما قال القاري: فُرضت هي وصوم شهر رمضان في السَّنة الثَّانية مِنَ الهجرة، أمَّا رمضان ففي شعبان، وأمَّا هي فقد قال بعض الحفَّاظ: قبل العيد بيومين، وقيل: وجبت بموجب زكاة الأموال مِنْ نصوص / الكتاب والسُّنَّة بعمومها فيها، وقيل: وجوبها سابق على وجوب زكاة الأموال، وفي «تاريخ الخميس»: فرضت في السَّنة الثَّانية قبل العيد بيومين، وخَطب النَّاسَ قبل الفطر بيومين يعلِّمهم زكاة الفطر، وفي «الدُّرِّ المختار»: أمر بها في السَّنة الَّتِي فرض فيها رمضان قَبْل الزَّكاة، قال ابن عابدين: هذا هو الصَّحيح. انتهى.
          والبحث الثَّامن: اختلافهم في وقت الوجوب، فعند أحمد وإسحاق والشَّافعيِّ في الجديد وإحدى الروايتين عن مالك أنَّ وقت وجوبها غروب الشَّمس ليلة الفطر، وعند أبي حنيفة والشَّافعيِّ في القديم ومالك في رواية أنَّ وقتها هو طلوع الفجر مِنْ يوم العيد، وبسط الكلام على الدَّلائل في «الأوجز». انتهى مِنْ «هامش اللَّامع».


[1] قوله: ((ن)) ليس في (المطبوع).
[2] في (المطبوع): ((فكان)).
[3] فتح الباري:3/367 مختصرا