الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب العرض في الزكاة

          ░33▒ (باب: العَرْض في الزَّكاة)
          كتبَ الشَّيخ في «اللَّامع»: يعني بذلك أنَّ مَنْ وجب عليه زكاة شيء مِنَ النُّصُب فلَهُ أن يؤدِّي قيمة ذلك المقدار الواجب مِنْ غير هذا الصِّنف الواجب، ولا يتعيَّن هذا الشَّيء عليه. انتهى.
          وفي «هامشه»: قال الحافظ: أي: جواز أخذ العَرْض، وهو بفتح المهملة وسكون الرَّاء بعدها معجمة، والمراد به ما عدا النَّقدين.
          وقالَ العَينيُّ: قال أبو عبيد: العَرْض ما عدا الحيوان والعقار والمكيل والموزون، وفي «الصِّحَاح»: العَرْض المتاع، وكل شيء فهو عَرْض سوى الدَّراهم والدَّنانير فإنَّها عَيْن. انتهى.
          وقال الحافظ: قالَ ابنُ رُشَيدٍ: وافق البخاريُّ في هذه المسألةِ الحنفيَّةَ مع كثرة مخالفته لهم، لكنْ قاده إلى ذلك الدَّليلُ. انتهى.
          قلت: ما قاله مِنْ قوله: (مع كثرة مخالفته للحنفيَّة) لا يقْبَله مَنْ أمعن النَّظر في تراجم البخاريِّ، فإنَّ مخالفته لغير الحنفيَّة في تراجمه ليست بأقلَّ مِنْ مخالفته إيَّاهم، ومسألة الباب خلافيَّة.
          قالَ العَينيُّ: الأصل أنَّ دفع القِيم في الزَّكاة جائز عندنا، وقالَ الثَّوريُّ: يجوز إخراج العُروض في الزَّكاة إذا كانت بقيمتها، وهو قول البخاريِّ وإحدى الرِّوايتين عن أحمد، وأجاز ابن حبيب دفع القيمة إذا رآه أحسن للمساكين، وقالَ مالكٌ والشَّافعيُّ: لا يجوز، وهو قول داود(1). انتهى ملخَّصًا.
          قوله: (وأمَّا خالد فقد احتبس...) إلى آخره، في «تراجم شيخ المشايخ»: استدلال ببعض محتملاته بأن يقال: معناه أنَّه اشترى بمال الزَّكاة الأدراع والأَعْتُد فوقفها في سبيل الله، فقد سقطت زكاته، وأمَّا لو حمل الكلام على معان أُخر فلا يدلُّ على التَّرجمة. انتهى.
          وفي «تقرير مولانا محمَّد حسن المكِّيِّ»: قوله: (احتبس) أي: وقف في سبيل الله، ولا زكاة في الوقف، وكأن(2) العامل ظنَّ أنَّ أَدْرُعه(3) وأعْتُدَه للتِّجارة فطلب منه زكاتها فلولا وقفُها لأعطى زكاتهما لا مِنْ أجزائهما بل مِنْ قيمتهما فثبتت التَّبديل. انتهى.
          وقالَ العَينيُّ: مطابقته للتَّرجمة مِنْ حيثُ إنَّ أدراع خالد وأعْتُدَه مِنْ العَرْض، ولولا أنَّه وقفها لأعطاهما في وجه الزَّكاة أو لَمَا صحَّ منه صرفها(4) في سبيل الله لدخلا في أحد مصارف الزَّكاة الثَّمانية المذكورة في قوله تعالى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ} الآية [التوبة:60]. انتهى.


[1] عمدة القاري: ج9 / ص 8
[2] في (المطبوع): ((وكان)).
[3] في (المطبوع): ((أدراعه)).
[4] في (المطبوع): ((صرفهما)).