الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب: ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة

          ░56▒ (باب: ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة)
          وفي «تراجم شيخ المشايخ»: فيه ردٌّ على الحنفيَّة. انتهى مختصرًا.
          واعلم أنَّ نصاب الحبوب والثِّمار خمسة أوسق عند مالكٍ والشَّافعيِّ وأحمد وصاحبَي أبي حنيفة وداود الظَّاهريِّ، إلَّا أنَّهم اختلفوا في ذلك فيما لا يُكال ولا يوسق، فقال داود: إنَّ كلَّ ما يدخل فيه الكيل يراعى فيه النِّصاب، وما لا يدخل فيه الكيل ففي قليله وكثيره الزَّكاةُ.
          قال الحافظ: وهو نوع مِنَ الجمع بين الحديثين(1) .
          واختَلف غير داود فيما لا يوسق ولا يكال كما بسط في «الأوجز»، وقال أبو حنيفة ومَنْ معه: إنَّ حديث أبي سعيد محمول على زكاة التِّجارة، واستدلَّوا بما رُوي مِنْ أحاديث العموم مِنَ ((العشر فيما سقت السَّماء، ونصف العشر فيما سُقي بالنَّضح)).
          بسطها العينيُّ، ثمَّ قال: وهذه الأحاديث كُلُّها مُطْلَقة، وليس فيها فصل(2).
          قال ابن رشد: سبب الخلاف في ذلك معارضة العموم على الخصوص، والحديثان ثابتان، لمن(3) رأى أنَّ الخصوص يبنى(4) على العموم، قال: لا بدَّ مِنَ النِّصاب، ومَنْ قال: هما متعارضان إذا جُهل المتقدِّم، ومَنْ رجَّح العموم قال: لا نصاب(5). انتهى.
          قال ابن العربيِّ: أقوى المذاهب مذهب أبي حنيفة دليلًا، وأحوطُها للمساكين، وأولاها قيامًا شكرًا للنعمة(6)، وعليه يدلُّ عموم الآية والحديث(7). انتهى.
          قلت: وأجابت الحنفيَّة عن حديث أبي سعيد بعشرة أجوبة بُسطت في «الأوجز» ولَخَّص منها في «هامش اللَّامع».


[1] فتح الباري:3/350
[2] عمدة القاري:8/261
[3] في (المطبوع): ((فمن)).
[4] في (المطبوع): ((يبنِي)).
[5] بداية المجتهد: ج4/ص4
[6] في (المطبوع): ((شكر النعمة)).
[7] عارضة الأحوذي:3/135