الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب من أحب تعجيل الصدقة من يومها

          ░20▒ (باب: مَنْ أحبَّ تعجيل الصَّدقة مِنْ يومها)
          قال ابن المنيِّر: ترجم المصنِّف بالاستحباب، وكان يمكن أن يقول: كراهة تبييت الصَّدقة لأنَّ الكراهة صريحة في الخبر، واستحباب التَّعجيل مستنبط مِنْ قرائن سياق الخبر حيث أسرع في الدُّخول والقسمة، فجرى على عادته في إيثار الأخفى على الأجلى. انتهى مِنَ «الفتح».
          قالَ العَينيُّ: الصَّدقة أعمُّ مِنْ أن تكون مِنَ الصَّدقات المفروضة أو مِنْ صدقات التَّطوُّع، فعلى كلِّ حالٍ خيارُ البرِّ عاجلُه(1). انتهى.
          والظَّاهر عندي أنَّه أشار إلى مسألة فقهيَّة خلافيَّة، وهي أنَّ وجوب الزَّكاة على الفور أو على التَّراخي.
          قالَ الموفَّق: وتجب الزَّكاة على الفور، فلا يجوز تأخير إخراجها مع القدرة عليه إذا لم يخش ضررًا، وبهذا قال الشَّافعيُّ، وقال أبو حنيفة: له التَّأخير لأنَّ الأمر بأدائها مطلق، فلا يتعيَّن الزَّمن الأوَّل لأدائها دون غيره، ولنا أنَّ الأمر المطلق يقتضي الفور(2)... إلى آخر ما قال.
          وفي «الدُّرِّ المختار»: وافتراضها عُمْرِيٌّ على التَّراخي، وقيل: فوريٌّ وعليه الفتوى فيأثم بتأخيرها بلا عذر. انتهى.
          وأمَّا مذهب مالك فقال الدَّرْدِير: وجب تفرقتها على الفور. انتهى.
          فالظَّاهر عندي أنَّ الإمام البخاريَّ أشار إلى هذه المسألة ولم يذهب هو بنفسه إلى ذلك كما هو ظاهر قوله: (باب: مَنْ أحبَّ...)، كما تقدَّم في الأصل الثَّالث مِنْ أصول التَّراجم.


[1] عمدة القاري:8/298
[2] المغني لابن قدامة:2/510 مختصرا