الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب إذا تصدق على ابنه وهو لا يشعر

          ░15▒ (باب: إذا تصدَّق على ابنه وهو لا يشعر)
          قال الحافظ: قال ابن المنيِّر: لم يذكر جواب الشَّرط اختصارًا وتقديره: جاز، لأنَّه يصير لعدم شعوره كالأجنبيِّ، وعبَّر في هذه التَّرجمة بنفي الشعور وفي الَّتِي قبلها بنفي العلم لأنَّ المتصدق في السَّابقة بذل وسعه في طلب إعطاء الفقير فأخطأ اجتهاده، فناسب أن ينفي(1) عنه العِلم، وأمَّا هذا فباشر التَّصَدُّقَ غَيْرُه فناسب أن ينفي(2) عن صاحب الصَّدقة الشُّعور(3). انتهى.
          وقال القَسْطَلَّانيُّ: قوله: (ولك ما أخذت يا معن) لأنَّك أخذت محتاجًا إليها، وإنَّما أمضاها صلعم لأنَّه دخل في عموم الفقراء المأذون للوكيل في الصَّرف إليهم، وكانت صدقة تطوُّع. انتهى.
          قال الحافظ: واستُدلَّ به على جواز دفع الصَّدقة إلى كلِّ أصل وفرع ولو كان ممَّن تلزمه نفقته، ولا حجَّة فيه لأنَّها واقعةُ حالٍ، فاحتمل أن يكون معنٌ كان مستقلًّا لا يلزم أباه يزيدَ نفَقَتُه. انتهى.
          والمسألة خلافيَّة، قالَ العَينيُّ: اتَّفق العلماء على أنَّ الصَّدقة الواجبة لا تسقط عن الوالد إذا أخذها ولده حاشا التَّطوُّع، قال ابن بطَّالٍ: وعليه حُمل حديث معن، وعند الشَّافعيِّ يجوز أن يأخذها الولد بشرط أن يكون غارمًا أو غازيًا، فيحمل حديث معن على أنَّه كان متلبِّسًا بأحد هذين النوعين. انتهى.
          وفي «الفيض» في(4) «الهداية»: التَّصدُّق على ابنه لا يُعتبر، وراجع كلامه للفرق بين الغنيِّ والابن. والفرق عندي أنَّهم أداروا الفقر والغناء(5) على العِلم فقط، دون الواقع، بخلاف تحقيق الأصول والفروع، فإنَّهم فهموا أنه لا تعسُّر في معرفتهم، فينبغي أن يُدار [على الواقع، وإنَّما يدار] على العِلم فيما تعسَّر الاطِّلاع على حقيقته، أمَّا المصنِّف ☼ فذهب إلى الإطلاق، فلعلَّه لا فرق عنده في الصُّورتين، أمَّا الحديث فلا يرد على الحنفيَّة لأنَّه لا دليل فيه على أنَّ صدقته(6) كانت فريضة أو نافلة فإن كان الثَّاني فلا ننكره أيضًا. انتهى.


[1] في (المطبوع): ((ينفى)).
[2] في (المطبوع): ((يُنفَى)).
[3] فتح الباري:3/291 مختصرا
[4] في (المطبوع): ((وفي)).
[5] في (المطبوع): ((والغنى)).
[6] في (المطبوع): ((الصدقة)).