الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب ما أدى زكاته فليس بكنز

          ░4▒ (باب: ما أُدِّيَ زَكَاتُهُ فَلَيْس بِكَنْز...) إلى آخره
          كتبَ الشَّيخ في «اللَّامع»: يعني بذلك أنَّ الرِّواية مصرِّحة بأنَّ له إجازة في جمع ما دون خَمس أواقٍ مِنْ غير أن يؤدِّي زكاتها، فعُلم أنَّ كلَّ نوع مِنْ جمع الذَّهب والوَرِق غير منهيٍّ عنه. انتهى.
          قالَ السِّنْديُّ: قوله: (لقول النَّبيِّ صلعم...) إلى آخره، تعليل للسَّابق، إمَّا بالنَّظر إلى تضمُّنه دعوى أنَّه ليس كلُّ مال كنزًا، أو باعتبار أنَّ ما أَدَّى(1) منه الزَّكاة بعد وجوبها هو وما لا تجب فيه الزَّكاة سواءٌ، فإذا عُلِمَ بالحديث حالُ ما لا يجب فيه الزَّكاة وأنَّه لا صدقة فيه بل هو كلُّه حلال لصاحبه، فكذلك ما أدَّى(2) منه الزَّكاة بعد وجوبها... إلى آخر ما بسط في «هامش اللَّامع».
          وفي «تراجم شيخ المشايخ»: قوله: (ما أدَّى زكاته...) إلى آخره ، هذه المسألة كانت مختلفة / فيها بين أبي ذرِّ وسائر الصَّحابة، فأبو ذرِّ كان يفهم مِنْ قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ} إلى آخره [التوبة:34] أنَّ الواجب إنفاق كلِّها، ومَنِ ادَّخر شيئًا منها فهو داخل تحت الوعيد، بخلاف سائر الصَّحابة فإنَّ مذهبهم أنَّ بعد إنفاق قدر الواجب _أعني ربع العشر في النَّقدين_ لو ادَّخر الباقي فليس بكنز، وهذا هو الحقُّ الَّذِي انعقد عليه الإجماع، وأمَّا ما ذهب إليه أبو ذرِّ ☺ فشبهة نشأت مِنْ حمل قوله تعالى على إنفاق الكلِّ.
          قوله: (ليس فيما دون خمسة أواق) هذا يدلُّ على أنَّ مِنَ المال ما لا يجب فيه الزَّكاة، ومناسبته مع التَّرجمة ظاهر. انتهى.
          وقال الحافظ: قوله: (قبل أن تنزل الزَّكاة) هذا مُشْعِرٌ بأنَّ الوعيد على الاكتناز _وهو حبس ما فضل عن الحاجة عن المواساة به_ كان في أوَّل الإسلام، ثمَّ نُسخ ذلك بفرض الزَّكاة لمَّا فتح الله الفتوح وقُدِّرت نُصُبُ الزَّكاة، فعلى هذا المراد بنزول الزَّكاة بيان نُصُبِها ومقاديرها لا إنزال أصلها، والله أعلم. انتهى مِنَ «الفتح».


[1] في (المطبوع): ((أدِّي)).
[2] في (المطبوع): ((أُدِّي)).