الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب: إذا تصدق على غني وهو لا يعلم

          ░14▒ (باب: إذا تُصُدِّق على غَنِيٍّ...) إلى آخره
          أي: فصدقته مقبولة، وسقط لفظ: (باب) في رواية أبي ذرٍّ، وقال عَقِب قوله في الباب السَّابق: {فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ} الآية [البقرة:271]: <وإذا تصدَّق> بواو العطف، كذا قال القَسْطَلَّانيُّ.
          وقال الحافظ: وعلى ما في رواية أبي ذرِّ فيحتاج إلى مناسبة بين ترجمة صدقة السِّرِّ وحديث المتصدِّق، ووجهها أنَّ الصَّدقة المذكورة وقعت باللَّيل لقوله في الحديث: ((فَأَصْبَحُوا يَتَحَدَّثُونَ))، بل وقع في «صحيح مسلم» التَّصريح بذلك لقوله فيه: ((لأَتَصَدَّقَنَّ اللَّيلةَ)) فدلَّ على أنَّ صدقته كانت سرًّا.
          وقال أيضًا تحت الحديث: وفيه دلالة على أنَّ الصَّدقة كانت عندهم مختصَّة بأهل الحاجة مِنْ أهل الخير، ولهذا تعجَّبوا مِنَ الصَّدقة على الأصناف الثَّلاثة. وفيه أنَّ نيَّة المتصدِّق إذا كانت صالحة قُبلت صدقته ولو لم تقع الموقع، واستحباب إعادة الصَّدقة إذا لم تقع الموقع، وهذا في صدقة التَّطوُّع.
          واختلف الفقهاء في الإجزاء إذا كان ذلك في زكاة الفرض، ولا دلالة في الحديث على الإجزاء ولا على المنع، ومِنْ ثَمَّ أورد المصنِّف التَّرجمة بلفظ الاستفهام ولم يجزم بالحكم. انتهى بزيادة مِنَ القَسْطَلَّانيِّ.
          وقال أيضًا: أمَّا الواجبة فلا تجزئ على غنيٍّ وإن ظَنَّه فقيرًا، خلافًا لأبي حنيفة ومحمَّد حيث / قالا: تسقط ولا تجب عليه الإعادة. انتهى.
          وقالَ الموفَّق: عن أحمد في ذلك روايتان، وكذا عن الشَّافعيِّ قولان:
          أحدهما: يجوز وهو قول الحسن وأبي حنيفة.
          والثَّاني: لا يجزئه وهو قول الثَّوريِّ وأبي يوسف والحسن بن صالح(1). انتهى.


[1] المغني لابن قدامة:2/498 مختصرا