الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب قول الله تعالى: {وفى الرقاب} {وفى سبيل الله}

          ░49▒ (باب: قول الله تعالى: {وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ} إلى آخره [التوبة:60])
          قال الحافظ: قال ابن المنيِّر: اقتطع البخاريُّ هذه الآية مِنَ التَّفسير للاحتياج إليها في بيان مصارف الزَّكاة(1). انتهى.
          قلت: ولا يبعد عندي أن يقال: إنَّ المصنِّف اقتطع هذه المصارف عن المصارف السَّابقة المذكورة في الآية لدقيقةٍ فقهيَّة، وهي الفرق بين الأصناف الثَّمانية، وهو ما قالَ الموفَّق: أربعة أصناف يأخذون أخذًا مستقرًّا، أو(2) لا يراعى حالهم بعد الدَّفع، وهم: الفقراء والمساكين والعاملون والمؤلَّفة، فمتى أخذوها ملكوها مِلْكًا دائمًا مستقرًّا، لا يجب عليهم ردُّها بحال، وأربعة منهم وهم: الغارمون، وفي الرقاب، وفي سبيل الله، وابن السبيل، فإنَّهم يأخذون أخذًا مُراعًى، فإن صرفوه في الجهة الَّتِي استحقُّوا الأخذ لأجلها وإلَّا استُرجع منهم، ثمَّ ذكر وجه الفرق إلى أنْ قال: وإن قضى هؤلاء حاجتهم بها، وفضل معهم فضلٌ رَدُّوا الفضل إلَّا الغازي، فإنَّ ما فضل له بعد غزوه فهو له(3). انتهى.
          ثمَّ قال الحافظ: واختلف السَّلف في تفسير قوله تعالى: {وَفِي الرِّقَابِ} [التوبة:60] فقيل: المراد شراء الرَّقبة لتعتق، وهو رواية عن مالك، وإليه مال البخاريُّ، ورُوي عن مالك أنَّها في المكاتَب، وهو قول الشَّافعيِّ والكوفيِّين وأكثر أهل العِلم(4). انتهى.
          قوله: {وَالْغَارِمِينَ} [التوبة:60] وفي «الفيض»: الغارم: المديون بشرط ألَّا يكون عنده نصاب، وعند الشَّافعيِّ: هو الَّذِي تحمَّل غرامة وإن كان له مال، ويُعلم مِنْ كلام «البدائع» أنَّ تفصيل الشَّافعيَّة محتمل عندنا أيضًا. انتهى.
          قوله: (وفي سبيل الله) قال القَسْطَلَّانيُّ: أي: وللصَّرف في الجهاد والإنفاق على المتطوِّعة به ولو كانوا أغنياء لقوله ╕: ((لَا تَحِلُّ الصَّدقة لِغَنِيٍّ إِلَّا لِخَمْسَةٍ: لِغَازٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ)) وخصَّه أبو حنيفة بالمحتاج، وعن أحمد: الحجُّ في سبيل الله. انتهى.
          قالَ العَينيُّ: هو منقطع الغزاة عند أبي يوسف، وعند محمَّد منقطع الحاجِّ، وفي «المبسوط»: وفي سبيل الله فقراء الغُزاة عند أبي يوسف، وعند محمَّد: فقراء الحاجِّ. انتهى.
          وفي «الفيض»: والمراد منه عند البخاريِّ جميع أبواب الخير. انتهى.


[1] فتح الباري:3/331 وفيه قوله... بيان مصاريف الزَّكاة
[2] في (المطبوع): ((و)).
[3] المغني لابن قدامة:2/500
[4] فتح الباري:3/332 مختصرا