تفسير غريب ما في الصحيحين البخاري ومسلم

حديث: سيروا هذا جمدان سبق المفردون

          2747- (سَبَقَ المُفَرِّدُوْنَ) قالَ ابنُ الأعرابيِّ: فَرَّدَ الرَّجلُ إذا تَفَقَّهُ واعتزلَ الناسَ وخلا لمراعاةِ الأمرِ والنَّهي، وقالَ القُتَبِيُّ: هم الذينَ هَلَكَ أقرانُهُمْ ولِدَاتُهُمْ من الناسِ وطالتْ أعمارُهُمْ وانفرَدُوْا لذكرِ الله ╡ وعبادَتَهُ، قالَ الأزهريُّ: هم المُنقطعونَ عن الناسِ بذكرِ اللهِ، قالَ: وتفسيرُهُ في الحديثِ؛ قيلَ: يا رسولَ اللهِ؛ وما المُفْرَدُوْنَ؟ قالَ: الذاكرونَ اللهَ كثيراً والذاكراتُ، فكأن تقديرُهُ المفْرِدُوْنَ أنفسَهُمْ لذكرِ اللهِ، والفارِدُ والفَرْدُ في اللغةِ: الثورُ الوَحْشِيُّ؛ لانفرادِهِ عن الأُنْسِ بِالإنْسِ، ويُقالُ: ظبيةٌ فاردٌ إذا انقطعَتْ عن القطيعِ، وأفرادُ النجومِ الدَّرَارِي التي في السماءِ، ويُصَحِّحُهُ على هذا فردٌ فهو فارِدٌ وأَفرَدَ فهو مُفرِدُ إذا انفرَدَ، وقد رُوِيَ هذا الحديثُ وفيهِ قالُوا: وما المُفْرِدُوْنَ؟ قالَ: الذينَ أُهْتِرُوْا بذكرِ اللهِ، وفي روايةٍ أُخرى: المُسْتَهْتِرُوْنَ بذكرِ اللهِ، يعني الذينَ أُوْلِعُوْا بهِ وداموا عليهِ، وقيلَ: أُهْتِرُوْا في ذكرِ اللهِ؛ أي كَبِرُوْا في طاعةِ اللهِ وهلكَ لِدَاتُهُمْ وأقرانُهم، يُقالُ: أُهْتِرَ الرجلُ فهو مُهْتِرٌ، إذا أسقطَ من كلامِهِ من الكِبَرِ، والهتْرُ سَقْطُ الكلامِ، كأنَّهُ لم يزلْ في ذكرِ الله حتى خَرَّفَ وأُنْكِرَ عَقْلُهُ.