تفسير غريب ما في الصحيحين البخاري ومسلم

حديث: لا يتلقى الركبان للبيع، ولا يبع بعضكم

          2337- (تَلَقِّي الرُّكْبَانُ لِلْبَيْعِ) أن تشتري منهم السلعَ في الصَّحراءِ قبل الوصولِ إلى أسواقِ المُدُنِ ومعرفةِ أسعارِها؛ لما في ذلكَ من الخديعةِ لهم وغَبْنِهِمْ.
          (وَلَا يَبْعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ) فعلى قولينِ: فمنهم من قالَ في تفسيرِهِ: هو أن يشتري الرجلُ السِّلعةَ(1) / ويتمَّ البيعَ ولم يفترقْ المتبايعانِ عن مَقَامِهِمَا ذلك، فنَهَى النبيُّ صلعم أن يَعْرِضَ رجلٌ آخرُ سلعةً أُخرى على ذلك المشترِي تُشْبِهُ السلعةَ التي اشتراها ليَبيعها؛ لما في ذلكَ من الإفسادِ على الأولِ، أو لعلَّهُ أن يَرُدَّ التي اشترى أولاً ويَمِيْلُ إلى هذه، وهو إن كانَ لهما الخِيَارُ ما لم يَتَفَرَّقَا على هذا المذهبِ، فهو نوعٌ من الإفسادِ قد اعترضَ به وسارعَ إليه، فلذلكَ وقعَ النَّهْيُ عنهُ، والتفسيُر الآخرُ: أنه في المتبايعينِ يتساومانِ في السِّلْعَةِ ويتقاربُ الانعقادُ ولم يبقَ إلا اشتراطُ البُعْدِ أو نحوه، فيجيءُ رجلٌ آخرُ يريدُ أن يشتري تلكَ السِّلْعَةَ ويُخرجُها من يدِ المشتري الأولِ، فذلكَ عندَ هؤلاءِ ممنوعٌ عندَ المُقَارَبَةِ؛ لما فيهِ من الإفسادِ، ومباحٌ في أولِ العرضِ والمُسَاوَمَةِ.
          (النَّجْشُ) أن يُعطي في السلعةِ عطاءً كثيراً، وهو لا يريدُ شراءَها ويمدَحُها؛ ليغترَّ بهِ من يريدُ شِراءَها فيزيدُ، وأصلُ النَّجْشِ مدحُ الشيءِ وإطراؤهُ تَصَنُّعاً.
          (المُصَرَّاةُ) النَّاقَةُ التي لا تُحْلَبُ أياماً ليَعظُمَ ضرعُها، فيَظُنُّ المُشتري أن ذلكَ منها في كلِّ يومٍ، فيغترَّ بذلكَ، وأصلُ التَّصريةِ الحبسُ والإمساكُ.
          (السَّمْرَاءُ) الحِنْطَةُ.


[1] في نسخة الأصل سقط قسم من المخطوط من قوله: عملاً حسناً ترجو، إلى هنا [120 -أ].