تفسير غريب ما في الصحيحين البخاري ومسلم

حديث: الفخر والخيلاء في الفدادين أهل الوبر والسكينة

          2246- (الخُيَلاءُ) التكبُّرُ، وكأنه يُوْجِبُ لنفسِهِ فوقَ ما يستحقُّهُ فيتعاظَمُ.
          (وَالرِّوَايَةُ في الفَدَّادِينَ) بتشديدِ الدالِ، فقال أبو عمرٍو: وهو في الفَدَادِيْنِ مخفَّفةٌ واحدُها فَدَّانٌ مُشَدَّدٌ، وهي البقرُ التي يُحرَثُ بها، وأهلُها أهلُ جفاءٍ وقسوةٍ لبعدِهم عن الأمصارِ، وقالَ ابنُ الأنباريِّ: أرادَ في أصحابِ الفدَّادِيْنِ، فحذفَ الأصحابَ، وأقامَ الفَدَّادِيْنَ مَقَامَهُمْ كما قال: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} [يوسف:82] أي أهلَ القريةِ، وقالَ الأصمعيُّ: الفدَّادُوْنَ مُشَدَّدٌ، وهم الذين تعلو أصواتُهم في حروبِهم ومواشِيهم وأموالهم، يُقالُ: فدَّ الرَّجُلُ يَفِدُّ فَدِيْداً، إذا اشتدَّ صوتُهُ، وقالَ أبو عُبيدٍ: الفدَّادونَ المُكثرونَ من الإبلِ، وهم جُفَاةُ أهلِ خُيَلاءَ، ومنهُ الحديثُ: «إِنَّ الأَرْضَ تَقُوْلُ لِلْمَيِّتِ: رُبَّمَا مَشَيْتَ عَلِيَّ فَدَّاداً» أي ذا خُيلاءَ ومالٍ كثيرٍ، / وقالَ أبو العباسِ: الفدَّادونَ الجمَّالونَ والرِّعْيَانُ والبقَّارونَ والحمَّارونَ.
          (أَهْلُ الوَبَرِ) يعني أهلُ الإبل ذاتِ الوبرِ، فأقامَ المضافَ إليهِ مَقَامَ المضافِ، ومدحَ أهلَ الغَنَمِ بالسكينةِ، وهي السكونُ والرفقُ.
          (الإِيْمَانُ يَمَانٍ وَالحِكْمَةُ يَمَانِيَّةٌ) قالَ أبو عُبَيْدٍ: بدأ الإيمانُ من مكَّةَ؛ لأنها مولدُ النبيِّ صلعم ومبعثُهُ، ثم هاجرَ إلى المدينةِ، ويُقالُ: مَكَّةُ من أرضِ تِهامةَ، وتِهامَةُ من أرضِ اليمنِ، ولهذا سُمِّيَتْ وما وَلِيهَا من أرضِ اليمنِ التَّهَائِمُ، فمكةُ على هذا التفسيرِ يمانيةٌ، وقيلَ في هذا وجهٌ آخرُ وهو أنَّ النَّبي صلعم قالَ هذا القولَ وهو يومئذٍ بِتَبُوْكَ، ومكةُ والمدينةُ حينئذٍ بينهُ وبين اليمنِ، وأشارَ إلى ناحيةِ اليمنِ وهو يريد مكَّةَ والمدينةَ، وقيلَ: أرادَ بهذا القولِ الأنصارَ لأنهم يَمانونَ، وهم نصروا النبيَّ صلعم والمؤمنينَ وآوُوْهُمْ، فنُسِبَ الإيمانُ إليهم، ويُقالُ: رجلٌ يمانٍ، والأصل يمانيٌّ، فحذفوا ياءَ النسبةِ، كما قالوا: تِهَامُوْنَ والأشعرونَ والسَّعدونَ.