تفسير غريب ما في الصحيحين البخاري ومسلم

حديث: إذا سمعتم الإقامة فامشوا إلى الصلاة، وعليكم

          2222- (السَّكِيْنَةُ) السُّكونُ والطُّمأنينةُ، وتركُ الإفراطِ في الحركةِ، ومنه سُكَّانُ السفينةِ؛ لأنه يُسْكِّنها عن الاضطرابِ، وهو عربيٌّ، قاله في ((المجمَل)).
          (وَالوَقَارُ) الهدوءُ والسُّكونُ، والمقصودُ بها الحضُّ على تركِ الإسراعِ في المشي، والرفقُ بالنفسِ في قصدِهَا إلى الطاعةِ.
          (إِذَا ثُوِّبَ بِالصَّلاةِ فَلا يَسْعَ إِلَيْهَا أَحَدُكُمْ) السعيُ هَهُنَا بمعنى الإسراعِ في المشي، وتركِ الرِّفْقِ إلى ما ذكرنَا آنِفاً، والتَّثويبُ هَهُنَا: الإقامةُ؛ لأنه رجعَ عن الأذانِ إلى ما يُشبهُهُ من الدُّعاءِ إلى الصَّلاةِ، وأصلُ التَّثويبِ الرُّجوعُ، يُقالُ: ثابَ يَثُوْبُ إذا رجعَ، وكذلكَ يجيءُ على معاني: يكونُ التثويبُ الصلاةُ بعد المكتوبةِ، وهي العَودُ للصلاةِ بعد الصلاةِ، والتَّثويبُ / في أذانِ الفجرِ أن تقولَ الصلاةُ خيرٌ من النومِ مرَّتينِ، عَوْداً على بَدءٍ، وكلُّ داعٍ مُثَوِّبٌ، وقد ثَوَّبَ بالصلاةِ إذا دعا إليها، والأصلُ فيه الرَّجُلُ يجيءُ مُستصرِخاً، فيلوِّحُ بثوبهِ، فيُسمَّى ذلكَ الدعاءُ تَثْوِيْباً لذلكَ، وإنما سُمِّيَ تكريرُ المؤذِّنِ في الأذانِ لصلاةِ الصُّبْحِ: الصلاةُ خيرٌ من النومِ تَثويباً؛ لأنهُ رجوعٌ إلى الأمرِ بالمبادرةِ إلى الصلاةِ، والرَّاجعُ فهو مثوِّبٌ وثائبٌ، ويُقالُ: ثابَ إلى جسمي أي رجعَ، فإذا قالَ: حيَّ على الصلاةِ، فمعناهُ هَلمُّوا إليها، فإذا قالَ بعدَها: الصلاةُ: خيرٌ من النومِ، فقد رجعَ بكلامٍ يُؤَوَّلُ معناهُ إلى المعنى الذي قدَّمَهُ من المبادرةِ إلى الصلاةِ أيضاً، فهو رجوعٌ إليهِ، فلذلكَ سُمِّيَ تَثْوِيْباً وقد يكونُ التَّثْوِيْبُ بمعنى الجزاءِ في قوله: {هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ مَا كَانُوْا يَفْعَلُوْنَ} [المطففين:36] المَثاباتُ المَنازلُ؛ لأنَّ الناسَ يرجعونَ إليها ويَثوبونَ، والمثابةُ: المرجِعُ، والمثابَةْ: المجتمَعُ.