تفسير غريب ما في الصحيحين البخاري ومسلم

حديث: ستكون فتن، القاعد فيها خير من القائم

          2231- وفي الفتن: (مَنْ تشرَّفَ لَهَا تَسْتَشْرِفْهُ) يُقالُ: استشرفتُ الشيءَ واستكفَفْتُهُ: إذا رفعتَ بصركَ لتنظرَ إليهِ وتستبينَهُ ووضعتَ يدكَ على حاجبِكَ كالذي يستظلُّ من الشمسِ، يُرِيْدُ أنَّ مَنْ تطلَّعَ إليها تطلَّعَتْ إليهِ وشغلتْهُ، وربما كانَ تَطَلُّعُهُ إليها وقوعاً في مكروهِها، وأشارَ لهُ إلى الاستتارِ عنها، والبِدارُ إلى طلبِ ملجأٍ يُلجأُ إليهِ، ومَعاذٍ يَسْتَعِيْذُ بهِ.
          (وُتِرَ أَهْلَهُ وَمَالَهُ) أي أُصيبَ فيهم ونُقِصَ، يُقالُ: وَتَرْتُهُ أي نَقَصْتُهُ، وقيلَ: فيهِ وجهٌ آخرُ: أنَّ الوَترَ أصلهُ الجنايةُ يجنِيها الرجلُ على الرجلِ، من قتلِ حَمِيْمِهِ أو أَخْذِ مالِهِ فيُشبهُ ما يلحقُ المَوتورَ من قتلِ حَمِيْمِهِ أو أخذِ مالِهِ بما يلحقُ هذا الذي فاتَتْهُ هذه الصلاةُ من ذهابِ أجرِهِ ونُقصانِ حظِّهِ، والإعرابُ في اللام على وجهينِ: مَن نَصَبَ (أَهْلَهُ) جعلَهُ مفعولاً ثانياً، وأضمرَ في وُتِرَ مفعولاً لم يُسمَّ فاعلُهُ عائداً إلى الذي فاتتهُ الصلاةُ، ومَنْ رَفَعَ (أَهْلُهُ) لم يُضْمِرْ، وأقامَ أهلَهُ مقامَ ما لم يُسمَّ فاعلُهُ؛ لأنهم المصابونَ المأخوذونَ، واختصارُهُ أي مَن رَدَّ النَّقْصَ إلى الأهلِ والمالِ رفعَهما، ومن ردَّه إلى الرجلِ نصبَ المالَ وأضمرَ ضميراً يقومُ مقامَ المفعولِ أي وُتِرَ هُوَ أهلَهُ ومالَهُ.