تفسير غريب ما في الصحيحين البخاري ومسلم

حديث: يتقارب الزمان، وينقص العلم، ويلقى الشح

          2178- (يَتَقَارَبُ الزَّمَانُ) يُقالُ: أرادَ اقترابَ الساعةَ، والعربُ تقول: تَقَارَبَتْ إِبِلُ فُلانٍ، إذا قلَّتْ، ويُقالُ للشيءِ إذا ولَّى وأدبرَ: تَقَارَبَ.
          (وَيُلْقَى الشُّحُّ) لم يضبطِ الرواةُ هذا الحرفَ، ويُحتملُ أن يكون يُلقَى بمعنى يُتَلقَّى ويُتَعَلَّمُ ويُتَواصَى به ويُدعى إليهِ، قالَ تعالى: {وَلَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُوْنَ}(1) [القصص:80] أي ما يُعَلَّمُهَا ويُنَبَّهُ عليها، وقالَ تعالى: {فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ} [البقرة:37] أي تَقَبَّلَهَا وتعلَّمَهَا، وأَخَذَ بها ولازمَها، وقد رأيتُ من يميلُ إلى هذا الوجهِ إذ لم يبقَ غيرُهُ، ولو قيلَ يُلقَّى بمعنى يوجدُ لم يستقمْ ذلكَ، لأن الشُّحَّ ما زالَ موجوداً قبل تقارُبِ الزَّمَانِ، ولو قيلَ: يُلَقَّى لكانَ أبعدَ وأبعدَ، لأنه لو أُلقيَ لتُركَ، ولم يكن موجوداً، وكان يكونُ مَدْحاً، والحديثُ مبنيٌّ على الذَّمِّ واللهُ أعلمُ، إلا أنَّ في بعضِ رواياتِ هذا الحديثِ: «لَا تَقُوْمُ السَّاعَةُ حَتَّى يَكْثُرَ المَالُ وَيَفِيْضَ حَتَّى يَهِمَّ / رَبُّ المَالِ مَنْ يَقْبِضُ صَدَقَتَهُ» فيكونُ يُلقَّى بالقاف على معنى التركِ واللهُ أعلم.


[1] في نسخة الأصل: وما يلقاها، وهو خطأ بدليل ما في المصحف.