تفسير غريب ما في الصحيحين البخاري ومسلم

حديث: إذا قلت لصاحبك أنصت يوم الجمعة

          2206- (الإنْصَاتُ) السكوتُ للاستماعِ، أنصَتَ يُنصِتُ إِنْصَاتاً، إذا سكتَ أيضاً، قالَ اللهُ تعالى: {وَأَنْصِتُوْا} [الأعراف:204] أي اسكتُوا له سكوتَ المستمِعينَ، ويُقالُ: أنصتَّ لهُ وأنصتَّهُ مثل نصحتُ له ونصحتُهُ، قال الله تعالى: {وَهُمْ لَهُ نَاصِحُوْنَ} [القصص:12] فجاءَ باللامِ.
          (فَقَدْ لَغَا) وقد لغَوتُ، اللَّغوُ الشيءُ المُطْرَحُ المُلْغَى، يُقالُ: ألغيتُ هذا إذا طرحتَهُ، ومن هذا اليمينُ التي يحلفُها الإنسانُ بسهوٍ أو غفلةٍ على غيرِ نِيَّةٍ، / وقد جاءَ القرآنُ بالعفوِ عنها وإلغائهَا بقوله تعالى: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ} [البقرة:225] ومنه قولهُ تَعالى: {لَا يَسْمَعُوْنَ فِيهَا لَغْواً} [مريم:62] أي كلاماً مطَّرَحاً كالهذيانِ والكلامِ المُلغى، وأما قولُهُ: {وَالَّذِيْنَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُوْنَ} [المؤمنون:3] فيعني كلَّ معصيةٍ ولعبٍ، ومنهُ قولهُ سبحانَهُ: {وَإِذَا سَمِعُوْا اللَّغْوَ أَعْرَضُوْا عَنْهُ} [القصص:55] واللَّغوُ هَهُنَا كُلُّ ما لا يجوزُ، وقالَ الفَرَّاءُ: وقولُهُ تعالى: {وَإِذَا مَرُّوْا بِاللَّغْوِ مَرُّوْا كِرَاماً} [الفرقان:72] أي بالباطلِ، وكذلكَ قولُهُ: «مَنْ مَسَّ الحَصَا فَقَدْ لَغَا» يعني يومَ الجمعةِ في وقتِ الاستماعِ، أي لغا عن الصوابِ، أي مالَ عنهُ، وقال النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ: خابَ، قال: وألغيتُهُ خَيَّبْتُهُ.