تفسير غريب ما في الصحيحين البخاري ومسلم

حديث: فلا تعطه مالك

          2727- (الشَّهِيْدُ وَالشَّاهِدُ) الحاضرُ للشيءِ المُحَقِّقُ لما شهدَهُ إذا سُئِلَ عنهُ، والشَّهيدُ في سبيلِ اللهِ ومن جَرَى مجراهُ قد اخْتُلِفَ في معناهُ، فقالَ النَّضْرُ بن شُمَيْلٍ: الشهيدُ حيٌّ كأنَّهُ تأوَّلَ قولهُ تعالى: {أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُوْنَ} [آل عمران:169] كأنَّ أرواحَهُمْ أُحْضِرَتْ دارَ السلامِ / وشَهِدَتْهَا، وغيرُهم لا يَشْهَدُوْنَهَا إلا بعدَ التَّعبِ، وقالُ ابنُ الأنباريِّ: سُمُّوْا شهداءَ؛ لأنَّ اللهَ وملائكتَهُ شهودٌ لهم بالجنةِ، وقيل: سُمُّوْا شهداءً؛ لأنَّهم ممن يُستشهدُ يومَ القيامةِ مع النبيِّ صلعم على الأممِ الخاليةِ، وقالَ تعالى: {وَتَكُوْنُوْا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} [الحج:78] وذلكَ تخصيصٌ لا يكونُ لكلِّ أحدٍ، قال: وفي خبرِ عمرَ بن الخطابِ دليلٌ على أنَّ من لم يخفْ في الله لومةَ لائمٍ في الأمرِ بالمعروفِ والنَّهي عن المنكرِ أنَّه من جملةِ الشُّهداءِ في قولهِ حيثُ قالَ: ما لكُم إذا رَأَيْتُمْ الجاهلَ يُخَرِّقُ أعراضَ الناسِ أن لا تُغَرِّبُوْا عليهِ؛ أي لا تُنْكِرُوْا عليه ولا تُبيِّنوا خطأَهُ، قالوا: نخافُ لسَانَهُ، فقالَ عمرُ: فذلكَ أَجْدَرُ ألا تكونوا شهداءَ؛ أي إذا لم تفعلوا ذلكَ لم تَكونوا في جُملةِ الشهداءِ الذين يُسْتَشْهَدُوْنَ يومَ القيامةِ على الأممِ التي كذَّبَتْ أنبياءَهَا.
          (الجَّزُّ وَالقَصُّ) القطعُ والتَّتَبُّعُ.