التوضيح لشرح الجامع البخاري

حديث: أفلا قعدت في بيت أبيك وأمك فنظرت أيهدى لك أم لا؟

          6636- الحَدِيْثُ التَّاسع: حَدِيْثُ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِديِّ ☺ فِي قِصَّةِ ابْنِ اللُّتْبِيَّةِ وهو المرادُ بالعاملِ فِيْهِ، وموضعُ الحاجةِ منه قَوْلُهُ: (وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَا يَغُلُّ أَحَدُكُمْ مِنْهَا شَيْئًا إِلَّا جَاءَ يَوْمَ القِيَامَةِ يُحْمِلُهُ عَلَى عُنُقِهِ) الحديثَ.
          وفيه مِن الفوائدِ أَنَّ هديةَ العاملِ مردودةٌ إِلَى بيتِ المال، ومَا أحسنَ قولَ «الحاوي الصغير» فِي القاضي: وهَدِيَّتُه سُحْتٌ ولا تُملَكُ. واستدلَّ به ابنُ التِّينِ المالكيُّ عَلَى أَنَّ هديَّةَ الغريمِ لِصَاحبِ الدَّينِ تجري مجرى الرِّبا إِلَّا أَنَّ يقْضِيَ دَيْنه، وكذلك سُكنى المرتهِنِ الدَّارَ المرهونةَ فِي يدِه إِلَّا أَنَّ يسكُنَها بكِراءِ مِثْلِها. قَالَ: وفيه إبطالُ كلِّ ذريعةٍ ووليجةٍ يُتوصَّل بها إِلَى نفعٍ لو انفَرَدَ بنفْسِه ولمْ يُضْمَنْ بِغيرِه لم تطبْ نفسُ صاحبِه به.
          فَصْلٌ: الرُّغَاءُ _بضمِّ الرَّاء والمدِّ_ صوتُ البَعيرِ، والجُؤارُ بالجيم والخاءِ. قال ابنُ التِّين: رُوِّيناه بالخاء ورُوي بالجيم والهمزةِ، واللَّفظان يُقالان فِي البقرةِ إِذَا صاحتْ، قال تَعَالَى: {عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ} [الأعراف:148] وقُرئ بالجيم، حُكِيَ عن الأعمشِ، وَمِنْهُ قولُه تَعَالَى: {إِذَا هُمْ يَجْأَرُونَ} [المؤمنون:64] أَي يَرفعونَ أصواتَهم بالدُّعاء. قال القزَّازُ: وأصلُه فِي البَقَرِ ثمَّ استُعيرَ للنَّاسِ.
          وقولُه فِي الشَّاةِ: (تَيْعَرُ) بمثنَّاةٍ فوق ثمَّ تحت / ثمَّ عينٍ مهمَلَةٍ ثمَّ راءٍ، أَي تَصِيحُ، قال ابنُ التِّين: قرأناه بفتْحِ العين. قَالَ الجَوهَريُّ: يَعَرَتِ العَنْزُ تَيْعِرُ بالكسرِ، يُعَارًا بالضَّمِّ، صاحت. وقال ابنُ فارسٍ والخطَّابيُّ: اليُعَارُ صوتُ الشَّاةِ.
          وعُفْرَةُ الإِبِطِ بياضُها. قَالَ الجَوهَرِيُّ: الأَعْفَرُ الأبيضُ وليس بالشَّديدِ البياضِ، وشاةٌ عَفْراءُ يعلو بياضَها حُمرةٌ، والعَفَرُ الرَّمْلُ الأبيض.
          وفي آخِرِه: (قَالَ أَبُو حُمَيدٍ: وَقَدْ سَمِعَ ذَلِكَ مَعِيِ زَيْدُ بْنُ ثابتٍ مِنْ رَسُوْلِ اللهِ صلعم، فَسَلُوْهُ) وهو الحَدِيْثُ العاشرُ.