التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب إثم من لا يفي بالنذر

          ░27▒ بَابُ إِثْمِ مَنْ لَا يَفِي بِالنَّذْرِ
          6695- ذَكَرَ فِيْهِ حَدِيْثَ عِمْرَانَ بْنِ حُصَينٍ ☻ عَنِ النَّبِيِّ صلعم قَالَ: (خَيْرُكُمْ قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ) الحديثَ.
          وقد سَلَفَ غيرَ مرَّةٍ [خ¦2651] [خ¦6428] وموضعُ الحاجةِ منه قَوْلُهُ: (ثُمَّ يَجِيءُ قَوْمٌ يَنْذِرُونَ وَلاَ يَفُونَ) وَهو يُوجِبُ الذَّمَّ والنَّقصَ لِمَنْ لمْ يَفِ بالنَّذرِ، وهذا مِن أشراطِ السَّاعةِ، وَقَرَنَ الشَّارعُ مَن لم يفِ بالنَّذْرِ بخيانةِ الأمانةِ فِي قَوْلِه: (يَنْذِرُونَ وَلاَ يَفُونَ، وَيَخُونُونَ وَلاَ يُؤْتَمَنُونَ) وَذَلِكَ أنَّ مَن لم يفِ لله تَعَالَى بما عاهدَه فقد خان أمانتَه في نقضِهِ ما جَعَلَ لِربِّه على نفْسِه، فأشبه ذلك مَن خانَ غيرَه فيما ائتمنَه عليه، والأوَّلُ أعظمُ خيانةً وأشدُّ إثمًا، وأثنى اللهُ تعالى على أهلِ الوفاء به فقال: {يُوفُونَ بِالنَّذْرِ}الآية [الإنسان:7] فدلَّ هذا أنَّ الوفاء بالنَّذرِ ممَّا يُدفَعُ به شرُّ ذلك اليوم.
          فَصْلٌ: وقولُه: (وَيَظْهَرُ فِيهِمُ السِّمَنُ) هُو كنايةٌ عَن رغبتِهم في الدُّنيا، وإيثارِهم شهواتِها عَلى الآخرةِ وَما أعدَّ الله فيها لأوليائِه مِن الشَّهواتِ الَّتِي لا تنفدُ والنَّعيم الَّذي لا يَبِيدُ، فهم يأكلونَ في الدُّنيا كما تأكلُ الأنعامُ، ولا يقتدون بمَن كان قبلَهم مِن السَّلَفِ الذَّين كانت همَّتُهم مِن الدُّنيا في أخْذِ القوتِ والبُلغةِ، وتوفيرِ الشَّهوات إِلى الآخرة.
          فَصْلٌ: وقَوْلُهُ: (يَنْذِرُونَ وَلاَ يَفُونَ) كذا وقع هنا ثلاثيٌّ وهو صحيحٌ، يُقَالُ: وَفَى بعهدِه وأَوْفَى، ولغةُ القُرآن أَوْلَى: رُبَاعيٌّ.