التوضيح لشرح الجامع البخاري

حديث: لا والذي نفسي بيده حتى أكون أحب إليك من نفسك

          6632- الحَدِيْثُ الخامسُ: حَدِيْثُ أَبِي عَقِيلٍ _زُهْرَةِ بْنِ مَعْبَدٍ_ أَنَّهُ سَمِعَ جَدَّهُ عَبْدَ اللهِ بْنَ هِشَامٍ ☺ قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُوْلِ اللهِ صلعم وَهُوَ آخِذٌ بِيَدِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: يَا رَسُولَ الله، لَأَنْتَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِلَّا مِنْ نَفْسِي، فَقَالَ ◙: (لَا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْكَ مِنْ نَفْسِكَ)، فَقَالَ عُمَرُ: فَإِنَّهُ الْآنَ وَاللهِ لَأَنْتَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ نَفْسِي، فَقَالَ ◙: (الْآنَ يَا عُمَرُ).
          فِيْهِ الحَلِفُ بالله، وبالَّذي نفْسِي بيدِه.
          و(عَبْدَ اللهِ) هَذَا هُوَ ابن هِشَامِ بنِ زُهْرةَ بن عُثمانَ بن عَمْرِو بن كَعْب بن سَعْد بن تَيْمِ بن مُرَّةَ، ذهبتْ به أمُّه إِلَى رَسُوْلِ الله صلعم وهو صغيرٌ فمَسحَ رأسَه ودعا له، شَهِدَ فَتْحَ مِصْرَ وله بها خُطَّةٌ، رَوَى له البُخَاريُّ حديثينِ، وَرَوَى له أبو داودَ، وذَكَرَ الذَّهبيُّ فِي «الصَّحابة» أَنَّ فِي البُخَاريِّ فِي الأُضْحِية عَبْدَ الله بنَ هِشَامِ بنِ عُثمانَ القُرشيَّ التَّيْمِيَّ، وُلِدَ سنةَ أربعٍ وَله رؤيةٌ، ثمَّ قال: عَبْدُ الله بن هِشَامِ بن زُهْرةَ التَّيْمِيُّ جدُّ زُهْرةَ بن مَعْبَدٍ، كأنَّه المذكورُ فِي الأُضْحِيَةِ، قَالَ: بل هُوَ هُوَ، وزُهْرَةُ ابنُ عمِّ الصِّدِّيقِ. قلتُ: لم أرَه في البُخاريِّ فِي الأضاحي، وليس فِي الصَّحابةِ هاشمٌ أو هِشَامٌ غيرَ مَا ذكرتُ.
          فَصْلٌ: قَال الخَطَّابِيُّ: حُبُّ الإنسانِ نفْسَهُ طبعٌ، وحبُّ غيرِه اختيارٌ بتوسُّطِ الأسبابِ، وإِنَّمَا أراد ◙ بقولِه لعُمَرَ ☺ حُبَّ الاختيارِ؛ إذْ لا سبيلَ إِلَى قَلْبِ الطِّباعِ وتغييرِها عمَّا جُبِلَتْ عليه، يقولُ: لا تَصْدُقُ فِي حبِّي حَتَّى تُفْنِيَ فِي طاعتي نَفْسَكَ، وتُؤْثِرَ رِضايَ عَلَى هواكَ وإنْ كَانَ فيها هلاكٌ.
          وقَالَ الدَّاوديُّ: وقوفُ عُمَرَ أوَّلَ مرَّةٍ، واستثناؤه نفْسَهُ إِنَّمَا أشفقَ حَتَّى لَا يبلُغَ ذَلِكَ منه فيحلِفَ بالله كاذبًا، فلمَّا قال له ◙ مَا قال تقرَّرَ فِي نفْسِه أنَّه أحبُّ إليه مِن نفْسِهِ فَحَلَفَ.