التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب من حلف على الشيء وإن لم يحلف

          ░6▒ بَابُ مَنْ حَلَفَ عَلَى الشَّيءِ وَإِنْ لَمْ يُحَلَّفْ.
          6651- ذَكَرَ فِيْهِ حَدِيْثَ ابْنِ عُمَرَ ☻ أنَّه صلعم اصْطَنَعَ خَاتَمًا مِنْ ذَهَبٍ وَكَانَ يَلْبَسُهُ، فَيَجْعَلُ فَصَّهُ فِي بَاطِنِ كَفِّهِ، / فَصَنَعَ النَّاسُ، ثُمَّ إِنَّهُ جَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَنَزَعَهُ، فَقَالَ: (إِنِّي كُنْتُ أَلْبَسُ هَذَا الْخَاتِمَ، وَأَجْعَلُ فَصَّهُ مِنْ دَاخِلٍ) فَرَمَى بِهِ ثُمَّ قَالَ: (وَاللهِ لَا أَلْبَسُهُ أَبَدًا)، فَنَبَذَ النَّاسُ خَوَاتِيمَهُمْ.
          وَقد سلفَ [خ¦5865] [خ¦5866] [خ¦5867] [خ¦5876]
          ولُغاتُ الخاتم سلفتْ. والفَصُّ واحدُ الفُصُوصِ، والعامَّةُ تقولُ: فِصٌ بالكسْرِ، قاله فِي «الصِّحاح».
          وقَوْلُهُ: (فَرَمَى بِهِ) قيل: يحتمل أَنْ يكونَ أذِنَ له فِيْهِ ثمَّ نُسِخَ ذَلِكَ، أو تكونَ الأشياءُ عَلَى الإباحةِ حَتَّى تنتهي.
          وقَوْلُهُ: (فَرَمَى بِهِ) أَيْ لم يستعمِلْه، ليس أنَّه أتلفهُ، لِنهيِه عَن إضاعةِ المال.
          وقَوْلُهُ: (لاَ أَلْبَسُهُ أَبَدًا) أراد بِذَلِكَ تأكيد الكراهةِ فِي نفوسِ النَّاسِ بيمينِه لئلَّا يتوهَّم النَّاسُ أَنَّه كَرِهَهُ لمعنًى فإنْ زال ذَلِكَ المعنى لم يكن بِلُبْسِه بأسٌ، فأكَّدَ بالحَلِفِ أَلَّا يَلْبَسَهُ عَلَى جميعِ وجوهِه.
          وفيه مِن الفقهِ أنَّه لا بأسَ بالحَلِفِ عَلَى مَا يحبُّ المرءُ تَرْكَهُ أو عَلَى مَا يحبُّ فِعْلَهُ مِن سائرِ الأفعالِ.
          قال المهلَّب: وإنَّما كان ◙ يحلِفُ فِي تضاعيفِ كَلامِه وَكثيرٍ مِن فتواهُ متبرِّعًا بذلكَ لِينْسَخَ ما كانت الجاهليَّةُ عليه مِن الحَلِفِ بآبائِها وآلهتِها وَالأصنامِ وغيرِها، لِيُعرِّفَهم أَلَّا محلوفَ به إلَّا الله، ولِيتدرَّبوا على ذلك حتَّى ينسَوا ما كانوا عليه مِن الحَلِفِ بغيرِ الله.