شرح الجامع الصحيح لابن بطال

المضمضة بعد الطعام

          ░51▒ بابُ المَضْمَضَةِ بَعْدَ الطَّعَامِ.
          فيه: سُوَيْدُ بنُ النُّعْمَانِ: (خَرَجْنَا مَعَ النَّبيِّ صلعم إِلَى خَيْبَرَ، فَلَمَّا كُنَّا بِالصَّهْبَاءِ دَعَا(1) بِطَعَامٍ، فَمَا أُتِيَ إِلَّا بِسَوِيقٍ فَأَكَلْنَا، فَقَامَ إِلَى الصَّلَاةِ فَمَضْمَضَ وَمَضْمَضْنَا). [خ¦5454] [خ¦5455]
          المضمضة بعد الطَّعام سنَّة مؤكَّدة، وكان النَّبيُّ صلعم يواظب على فعل ذلك ويحضُّ أمَّته على تنظيف أفواهِهم وتطييبها(2) لأنَّها طرق القرآن، وكذلك(3) قال أبو هريرة: لولا أن يشقَّ على أمَّته لأمرهم بالسِّواك عند كلِّ صلاة.
          فالمضمضة بالماء بعد الطَّعام مِن أجل الصَّلاة ومِن أجل مباشرة كلام النَّاس أيضًا تغني عن السِّواك، ولا شيء أنظف مِن الماء، وبه أمر الله تعالى أن يطهَّر كلُّ شيء، وقد روي عن النَّبيِّ صلعم في وضوء اليدين قبل الطَّعام وبعده. ذكر ابن المنذر قال: روينا عن النَّبيِّ صلعم أنَّه قال: ((الوُضُوءُ قَبْلَ الطَّعَامِ وَبَعْدَهُ(4) بَرَكَةٌ)) رواه أبو داود: حدَّثنا موسى بن إسماعيل حدَّثنا قيس عن أبي هاشم عن زاذان عن سلمان عن النَّبيِّ صلعم.
          قال ابن المنذر: وليس ذلك بواجب لأنَّ النَّبيَّ صلعم قد أكل لمَّا خرج مِن البراز قبل أن يغسل يديه(5)، رواه أبو داود مِن حديث ابن أبي مُلَيكة عن ابن عبَّاس، وأنكر مالك غسل اليدين قبل الطَّعام وقال أنَّه مِن فعل الأعاجم، وبه قال الثَّوري، وقال الأبهري: لا نحفظ ذلك عن النَّبيِّ صلعم ولا عن أصحابِه.


[1] في (ص): ((دعي)).
[2] في (ص): ((وتطيبها)).
[3] في (ص): ((ولذلك)).
[4] قوله: ((ذكر ابن المنذر...قبل الطعام وبعده)) ليس في (ص).
[5] في (ص): ((يده)).