شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب من أضاف رجلًا إلى طعام وأقبل هو على عمله

          ░35▒ بابُ مَنْ أَضَافَ رَجُلًا إِلَى طَعَامِهِ وَأَقْبَلَ هُوَ عَلَى عَمَلِهِ.
          فيه: أَنَسٌ: (كُنْتُ غُلَامًا أَمْشِي مَعَ النَّبيِّ صلعم فَدَخَلَ رَسُولُ اللهِ صلعم عَلَى غُلامٍ لَهُ خَيَّاطٍ، فَأَتَاهُ بِقَصْعَةٍ فِيهَا طَعَامٌ وَعَلَيْهِ دُبَّاءٌ، فَجَعَلَ النَّبيُّ صلعم يَتْبَعُ(1) الدُّبَّاءَ، فَلَمَّا رَأَيْتُ ذَلِكَ جَعَلْتُ أَجْمَعُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ، وأَقْبَلَ(2) الْغُلامُ عَلَى عَمَلِهِ، قَالَ أَنَسٌ: مَا أَزَالُ أُحِبُّ الدُّبَّاءَ بَعْدَمَا رَأَيْتُ النَّبيَّ صلعم صَنَعَ مَا صَنَعَ). [خ¦5435]
          في هذا الباب(3) حجَّة أنَّ للمضيف أن يقدِّم الطَّعام إلى ضيفِه ولا يأكلَ منه، ولا يكون ذلك مِن سوء الأدب بضيفِه ولا إخلالًا بإكرامِه لأنَّ ذلك صنع بحضرة النَّبيِّ صلعم فلم ينْهَ عنه، ولو كان مِن دنيء الأخلاق لنهى عنه لأنَّه بعث معلِّمًا، ولا أعلم في الأكل مع الضَّيف وجهًا غير أنَّه أبسط لنفسِه(4) وأذهب لاحتشامِه، فمَن قدر على ذلك فهو أبلغ في برِّ الضَّيف، ومَن ترك ذلك فواسع إن شاء الله ╡. وقد تقدَّم في ذلك الأدب في باب قول الضَّيف لصاحبِه: لا آكل حتَّى تأكل منه وذكرِ حديث أبي بكر الصديق حين أمر ابنَه أن يطعم أضيافَه وغاب هو عند النَّبيِّ صلعم فحلف الأضياف أن لا يفطروا حتَّى يحضر الصِّدِّيق ووجْهُ ذلك(5).


[1] في (ص): ((يتتبع)).
[2] في (ص): ((فأقبل)).
[3] في (ص): ((الحديث)).
[4] في (ص): ((لوجهه)).
[5] (ص): ((وقد تقدم في كتاب الأدب ذكر حديث أبي بكر الصديق لامرأته أن تطعم أضيافه))، في المطبوع: ((وقد تقدم في كتاب الأدب...))