شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب شاة مسموطة والكتف والجنب

          ░26▒ بابُ الشَّاةِ المَسْمُوطَةِ وَالكَتْفِ وَالجَنْبِ.
          فيه: قَتَادَةُ: (كُنَّا نَأْتِي أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ وَخَبَّازُهُ قَائِمٌ، ثُمّ قَالَ: كُلُوا، فَمَا أَعْلَمُ أَنَّ(1) النَّبي صلعم رَأَى رَغِيفًا مُرَقَّقًا حَتَّى لَحِقَ بِاللهِ وَلَا رَأَى شَاةً سَمِيطًا بِعَيْنِهِ قَطُّ). [خ¦5421]
          وفيه: جَعْفَرُ بنُ(2) عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: (رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلعم يَحْتَزُّ مِنْ كَتِفِ شَاةٍ، فَأَكَلَ مِنْهَا فَدُعِيَ إلى الصَّلاة فَقَامَ(3) فَطَرَحَ السِّكِّينَ، فَصَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ). [خ¦5422]
          إن قال قائل: كيف يتَّفق قول أنس بن مالك: (مَا أَعْلَمُ أَنَّ النَّبيَّ(4) صلعم رَأَى شَاةً سَمِيْطًا بَعَيْنِهِ قَطُّ) مع قول عَمْرو بن أُمَيَّة أنَّه: (رَأَىَ النَّبيَّ صلعم يَحْتَزُّ مِنْ كَتِفِ شَاةٍ) مع ما روى التِّرمذي قال: حدَّثنا الحسن بن محمَّد الزَّعفرانيُّ حدَّثنا حجَّاج بن محمَّد حدَّثنا ابن جُرَيج أخبرني محمَّد / بن يوسف أنَّ عطاء بن يسار أخبرَه أنَّ أمَّ سلمة أخبرتْه: ((أَنَّهَا قَرَّبَتْ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلعم جَنْبًا مَشْوِيًّا، فَأَكَلَ مِنْهُ ثُمَّ قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ وَمَا تَوَضَّأَ)) قال التِّرمذي: وهذا حديث صحيح غريب، وفي الباب عن عبد الله بن الحارث والمغيرة وأبي رافع.
          قال المؤلِّف: فالجواب أنَّ قول أنس يحتمل تأويلين: أحدُهما: أن يكون النَّبيُّ صلعم لم يتَّفق له قطُّ أن تُسمَط له شاة بكمالِها؛ لأنَّه قد احتزَّ مِن الكتف مرَّة ومِن الجنب أخرى، وذلك لحم غير(5) مسموط لا محالة. والثَّاني: أنَّ أنسًا قال: ما(6) أعلم، ولم يقطع على أنَّ النَّبيَّ صلعم لم يأكل لحمًا مشويًّا، فأخبر بما علم وأخبر عَمْرو ابن أميَّة وأمَّ سلمة وغيرَهما أنَّه رأى النَّبيَّ صلعم يحتزُّ مِن الكتف والجنب المشويِّ، وكلُّ واحد أخبر بما علم، وليس قول أنس برافع قول مَن علم لأنَّ مَن علم حجَّة على مَن لم يعلم لأنَّه زاد عليه فوجب قبول الزِّيادة.
          و((المَسْمُوطَةُ)): المشويَّة بجلدِها، قال صاحب «العين»: سمطت الجمل أسمطُه سمطًا: نَتَفْتُه(7) مِن الصُّوف بعد إدخالِه في الماء الحار، وقال صاحب «الأفعال»: سمط(8) الجدي وغيرَه: علَّقه مِن السُّمُوط، وهي معاليق مِن سيور تعلق مِن السَّرج.


[1] قوله: ((أن)) ليس في (ص).
[2] قوله: ((جعفر بن)) ليس في (ز) و(ص) وأثبتناه من ((البخاري)) ليستقيم المعنى.
[3] في (ص): ((قال)).
[4] في (ص): ((الرَّسول)).
[5] قوله: ((غير)) ليس في المطبوع.
[6] في (ص): ((لا)).
[7] في (ص): ((تنقيته)).
[8] في (ص): ((سمطت)).