مجمع البحرين وجواهر الحبرين

باب قول النبي: «لتتبعن سنن من كان قبلكم»

          ░14▒ باب قول النبي صلعم: ((لتتبعن سنن من كان قبلكم))
          فيه حديث أبي هريرة، عن النبي صلعم قال: ((لا تقوم الساعة حتى تأخذ أمتي بأخذ القرون قبلها، شبراً بشبر)) وسلف في ذكر بني إسرائيل.
          وحديث أبي عمر الصنعاني من اليمن قيل: إنه من صنعاء الشام، واسمه: حفص بن ميسرة، سكن عسقلان، ومات سنة إحدى وثمانين ومائة عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار.. إلى آخره.
          (السنن) بفتح السين والنون: الطريقة، يقال: استقام فلان على سنن واحد، ويصح ضمها قال ابن التين: وبه قرأناه جمع سنة / وهي العادة، وقال المهلب: فتح السين أولى من ضمها؛ لأنه لا يستعمل الشبر والذراع إلا في السنن وهو الطريق، فأخبر ◙: أن أمته قبل قيام الساعة يتبعون المحدثات من الأمور والبدع، والأهواء المضلة كما اتبعتها الأمم من فارس والروم حتى يتغير الدين عند كثير من الناس، وقد أنذر في كثير من حديثه أن الآخر شر وأن الساعة لا تقوم إلا على شرار الخلق، وأن الدين إنما يبقى قائماً عند خاصة من المسلمين لا يخافون من العداوات، ويحتسبون أنفسهم على الله في القول بالحق والقيام بالمنهج القويم في دين الله.
          قوله: (بأخذ القرون) كذا في الأصول وللنسفي وابن السكن، وفي رواية الأصيلي: ((بما أخذ)) قال ثعلب: أخذ أحد الجهة إذا قصد نحوها، قوله: (شبراً بشبر وذراعاً بذراع) وهو تمثيل.
          وفي رواية أخرى: ((إن اليهود اختلفوا على إحدى وسبعين فرقة، وإن هذه الأمة تختلف على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة))، يريد: أنها تدخل النار إلا من عفا عنه.