مجمع البحرين وجواهر الحبرين

باب نهي النبي على التحريم إلا ما تعرف إباحته

          ░27▒ باب نهي النبي صلعم على التحريم إلا ما تعرف إباحته
          وكذلك أمره نحو قوله حين أحلوا: (أصيبوا من النساء) هذا سلف مسنداً، ويأتي في الباب مسنداً أيضا.
          قال جابر: ولم يعزم عليهم، إلى آخره وقالت أم عطية: نهينا عن اتباع الجنائز. تقدم مسنداً في الجنائز.
          ثنا المكي بن إبراهيم، إلى آخره وحديث الحسين هو ابن ذكوان المعلم عن ابن بريدة هو عبد الله، حدثني عبد الله المزني هو ابن مغفل، عن رسول الله قال: ((صلوا..)) الحديث وسلف أيضاً.
          ادعى ابن بطال أنه وقع في بعض الأمهات باب النهي عن التحريم، قال: وصوابه (على) يعني أنه محمول على التحريم إلا ما علمت إباحته على حديث أم عطية.
          واختلف العلماء في هذا الباب:
          فذكر ابن الباقلاني عن الشافعي: أن النهي عنده على التحريم والإيجاب، وقاله كثير من الناس، وقال الجمهور من أصحاب مالك وأبي حنيفة والشافعي، وكذلك الأمر عند الدهماء من الفقهاء وغيرهم موضوع لإيجاب المأمور وحتمه إلا أن يقوم دليل على الندب، وحكى أبو التمام المالكي عن مالك: أن الأمر عنده على الوجوب، وإلى هذا ذهب (خ) في هذا الباب: أن الأمر والنهي على الوجوب إلا ما قام الدليل على خلاف ذلك، وذهبت الأشعرية إلى أن النهي لا يقتضي التحريم بل يتوقف فيه إلى أن يرد الدليل.
          قال ابن الباقلاني: وقال هذا فريق من الفقهاء، وقال كثير من أصحاب الشافعي: إن الأمر موضوع للندب إلى الفعل فإن اقترن به ما يدل على كراهية تركه من ذم أو عقاب كان واجباً.
          وقال كثير من الفقهاء: واستشهد عليه الشافعي بقوله تعالى: {وَأَشْهِدُوْاْ إِذَا تَبَايَعْتُمْ} [البقرة:282]، وأمثاله مما ورد الأمر به على سبيل الندب، وقد دل بعض كلامه على أن مذهبه الوقف، وقال الأشعري وكثير من الفقهاء والمتكلمين: أنه محتمل للأمرين، وهذا الذي يقول به.
          قال والدي ⌂:
          (باب نهي النبي صلعم على التحريم) أي: محمول على تحريم المنهي عنه وهو حقيقة منه إلا إذا علم أنه للإباحة بالقرينة الصارفة عن حقيقته كما في حديث أم عطية وكذلك الأمر، فإنه محمول على إيجاب المأمور به إلا إذا عرف أنه لغيره بالقرينة المانعة عن إرادة الحقيقة كما في [حديث] جابر قال أكثر الأصوليين النهي ورد لثمانية أوجه، وهو حقيقة في التحريم مجاز في باقيها والأمر لستة عشر وجهاً حقيقة في الإيجاب مجاز في البواقي.
          قوله: (أحلوا) أي: من الإحرام، و(أصيبوا) من النساء أي: جامعوهن يعني: هذا الأمر علم أنه للإباحة فلا يحمل على الإيجاب، و(لم يعزم) أي لم يوجب عليهم الجماع أي لم يأمرهم أمر إيجاب بل أمرهم أمر إحلال وإباحة.
          قوله: (أم عطية) بفتح المهملة الأولى وكسر الثانية، اسمها: نسيبَة مصغرة ومكبرة الأنصارية، و(نهينا) بلفظ المجهول، ومثله يحمل على أن الناهي كان رسول الله صلعم ويعني: أن النهي لم يكن للتحريم بل للتنزيه مثلاً.
          قوله: (محمد بن بكر) البرساني بضم الموحدة وإسكان الراء وبالمهملة، ولعل (خ) ذكره تعليقاً عنه لأنه مات سنة ثلاث ومائتين، و(أصحاب) منصوب على الاختصاص، وفيه أنهم كانوا مفردين، و(قدم) أي: مكة، و(أن نحل) أي: نجعله عمرة ونصير متمتعين، و(خمس) أي: خمس ليال، و(المذاكير) جمع: الذكر على غير قياس، و(المني) في بعضها: المذي، و(هكذا) هو إشارة إلى التقطير وكيفيته.
          قوله: (لولا هديي تحللت) أي: لولا أن معي الهدي لتمتعت لأن صاحب الهدي لا يجوز له التحلل حتى يبلغ الهدي محله وذلك في يوم العيد ولو علمت في أول الأمر ما علمت آخراً وهو جواز العمرة في أشهر الحج ما سقت الهدي مر في الحج.
          قوله: (أبو معمر) بفتح الميمين عبد الله، و(الحسين) أي: ابن ذكوان المعلم، و(ابن بريدة) مصغر البردة بالموحدة عبد الله الأسلمي قاضي مرو، و(عبد الله) بن مغفل بمفعول التغفيل بالمعجمة والفاء المزني بالزاي والنون البصري، و(سنة) أي: طريقة شرعية وهي أعلم من النافلة مر في الصلاة وهذا آخر ما قصد إيراده في الجامع من مسائل أصول الفقه.
          قوله: (إسحاق) قال الكلاباذي: هو الحنظلي، و(سلام) بالتشديد ابن أبي مطيع الخزاعي، و(أبو عمران) عبد الملك الجوني بفتح الجيم وإسكان الواو وبالنون، و(جندب) بضم الجيم والمهملة وفتحها وسكون / النون بينهما، ابن عبد الله البجلي بالموحدة والجيم المفتوحتين، و(ائتلفت) أي: توافقت على القراءة وغيرها مر في كتاب فضائل القرآن.
          قوله: (إسحاق) هو إما ابن منصور وإما الحنظلي، و(عبد الصمد) هو ابن عبد الوارث، و(يزيد) بالزاي ابن هارون الواسطي مات سنة ست ومائتين، والظاهر أنه تعليق ويحتمل سماع (خ) عنه، و(هارون) ابن موسى الأعور النحوي مر في سورة النحل.
          قوله: (حُضِر) بلفظ المجهول أي: حضره الموت، و(هلم) أي: تعالوا وعند الحجازيين يستوي فيه المفرد والجمع والمؤنث والمذكر، و(اللغط) الصوت، و(الرزيئة) بالراء ثم الزاي بوزن الفعيلة مهموزاً وقد تقلب وتدغم المصيبة، و(من اختلافهم) بيان لما حال.
          وفيه أنه صلعم كان يكتب والأمي من لا يحسن الكتابة لا من لا يقدر على الكتابة اللهم إلا أن يقال ما كان يعلمه لكنه يكتبه على سبيل الإعجاز، أو المراد منه المجاز نحو آمر بالكتابة.
          قال ابن بطال: عمر أفقه من ابن عباس حين اكتفى بالقرآن ولم يكتف ابن عباس به فإن قيل: كيف جاز لهم مخالفة أمره قلنا قد ظهر منه من القرائن ما دل على أنه لم يوجب ذلك عليهم وقال: فاقرأوا القرآن وهلم أكتب لكم كتاباً من تتمة مباحث الأمر التي لغير الإيجاب.
          أقول: ولعل ترجمة هذا الباب لم تكن عنده.
          النووي: كان صلعم همّ بكتاب حين أوحي إليه بذلك أو كان مصلحة ثم تركه حين جاء الوحي بخلافه أو بغير المصلحة، وفي الحديث مباحث تقدمت في كتاب العلم.
          الزركشي:
          (تقطر مذاكيرنا) قال ابن أبي الربيع: هو جمع لمفرد لم ينطق به.
          وحديث ابن عباس في كتاب النبي صلعم عند موته سبق في العلم.
          و(سورة) بضم السين على الأفصح وحديث الأبكر سبق في الشهادات.
          (الغساني) بغين معجمة وسين مهملة، وفي أصل أبي ذر بضم العين المهملة وفتح الشين المعجمة، انتهى كلام الزركشي.
          أقول:
          قوله: (فجلد الرامين) قال أبو الحسن القابسي: لم يقع له إسناد في جلد الرامين، وإنما ذكر ذلك بغير إسناد.
          قوله: (ثنا يحيى بن زكريا الغساني) في أصل أبي ذر الغساني وصحح عليه وكتب نسخه الغساني، قال صاحب المطالع: وهو وهم.
          قوله: (قال رجل من الأنصار سبحانك ما يكون لنا) قيل: هو أبو أيوب الأنصاري، وقيل: عمر بن الخطاب قاله المحب الطبري.
          قوله: (سلام ابن أبي مطيع) هو عبد الملك بن حبيب الأزدي البصري مات سنة ثمان وعشرين ومائة.