مجمع البحرين وجواهر الحبرين

باب ما يكره من التعمق والتنازع في العلم والغلو في الدين والبدع

          ░5▒ باب ما يكره من التعمق والتنازع في العلم والغلو في الدين والبدع
          لقوله تعالى: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ} الآية [النساء:171].
          فيه سبعة أحاديث سلفت:
          حديث أبي هريرة في الوصال.
          وحديث علي: ما عندنا من كتاب نقرأوه.
          وحديث عائشة: ((فوالله إني لأعلمهم بالله)).
          وحديث ابن أبي مليكة: كاد الخيران أن يهلكا.
          وحديث عائشة: ((مروا أبا بكر يصلي)).
          وحديث سهل بن سعد في اللعان.
          وحديث مالك بن أوس: أن العباس وعليا جاءا إلى عمر يطلبان ميراثهما.
          الغلو: مجاوزة الحد، وهذا يدل على أن البحث عن أسباب الربوبية من نزغات الشيطان، ومما يؤدي إلى الخروج عن الحق؛ لأن هؤلاء غلوا في الفكرة حتى آل بهم الأمر أن جعلوا آلهة ثلاثةً، وأما الذين غلوا في الصيام فهو اتباعهم للوصال بعد أن نهاهم رسول الله، فعاقبهم بأن زادهم ما تعمقوا به.
          وقول علي لما خطب على منبر من آجُر: ((والله ما عندنا إلا كتاب الله، وما في هذه الصحيفة)) فإنه أراد به تبكيت من تنطع، وجاء بغير ما في كتاب الله وغير ما في سنة رسوله فهو مذموم.
          وحديث النية للصائم التي تنزه تنطع وجاء بغير ما في كتاب الله تعالى وغير ما في سنة رسوله(1) ورخص فيها الشارع فذمهم بالتعمق والمخالفة.
          وقصة وفد بني تميم لما آلى التنازع من الصديق والفاروق إلى المحاسبة في التفاضل بين الأقرع بن حابس وعيينة بن حصن، ورمي بعضهم بعضاً بالمناوأة والقصد إلى المخالفة، والفرقة. كذلك ينبغي أن تذم كل حالة تخرج صاحبها إلى افتراق الكلمة واستسعار العداوة.
          قوله: (مروا أبا بكر فليصل بالناس) ذم عائشة لتعمقها في المعاني التي خشيتها من مقام أبيها في مقام رسول الله مما روي عنها أنها قصدته بذلك، وسلف في الصلاة.
          وذمه حفصة أيضاً؛ لأنها أدخلتها في المفاوضة لرسول الله.
          وكذلك كراهيته ◙ لمسائل اللعان وعيبه لها هو في نص الباب، وأنه خشي أن ينزل من القرآن ما يكون تضييقاً فنزل فيه اللعان وهو وعيد عظيم وسبب إلى عذاب الآخرة لمن أراد الله تعالى إنفاذه عليه.
          وحديث العباس وعلي يئول ما ذم من تنازعهما إلى انقطاع الرحم التي بينهما بالمخاصمة في هذا المال الموقوف لا سيما بعد أن قص عليهما عمر حديث رسول الله فلم ينههما عن طلب هذا الوقف ليلياه كما كان يليه الخليفة من توزيعه وقسمته حيث يحب وانفرادهما بالحكم فيه، وسلف في آخر الجهاد.
          ومعنى: (يطعمني [ربي] ويسقيني) قيل حقيقة، والأصح يعطى قوتهما فيحصل له الري والشبع ويكون بمنزلة من تناولهما.
          والآجر في حديث علي ممدود مشدد الراء ما يريد فارسي معرب، ويقال: آجور على وزن فاعول.
          وقول علي: (ما عندنا..) إلى آخره قاله؛ لأن الروافض تزعم أنه ◙ أسر إليه، وأنهم كتبوا كتاباً يقال له: / الجفر فيه علم ما يكون، وأنه خصهم بذلك دون الناس فأكذبهم علي، وبعض الرواة تزيد فيما ذكر في الصحيفة على بعض، ويقول كل واحد ما حفظه.
          قوله: (المدينة حرم ما بين عير إلى كذا) جاء في حديث آخر: ((إلى ثور))، والمراد ما بين لابتيها، كما صرح به في موضع آخر.
          والصرف: الاكتساب أو الحيلة من قولهم: فلان يتصرف في الأمور؛ أي: يحتال فيها، ومنه قوله: فلا تستطيعون صرفاً ولا نصراً، أو التوبة أو النافلة أو الفريضة أو الوزن، أقوال.
          والعدل: الفدية من قوله تعالى: {وَلاَ يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ} [البقرة:48] أو الكيل أو الفريضة أو النافلة، وقد سلف.
          (وأخفر) نقض العهد يقال: أخفرت الرجل نقضت عهده وأخفرته أيضاً جعلت معه خفيراً.
          قوله: (ما بال أقوام يتنزهون عن الشيء أصنعه) قال الداودي: التنزه عما ترخص به الشارع من أعظم الذنوب؛ لأن هذا يرى نفسه أتقى من ذلك من رسوله وهذا إلحاد.
          قوله: (أعلمكم بالله) احتج به من قال: إن العلم إذا وقع من طرق كان من وقع له أعلم ممن وقع له من طريق واحد، وهذا أصل اختلف فيه أهل الأصول.
          وقول ابن أبي مليكة: (كاد الخيران أن يهلكا..) الحديث، هو مرسل، وإنما ذكر ابن الزبير لفظة منه فلم يتصل من الحديث غيرها فنزلت: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ} الآية [الحجرات:2].
          قوله: (قال ابن أبي مليكة: قال ابن الزبير: فكان عمر بعد ولم يذكر ذلك عن أبيه، يعني: أبا بكر إذا حدث النبي صلعم يتحدث حدثه كأخي السرار لم يسمعه حتى يستفهمه).
          فيه: أن الجد للأم يسمى أبا؛ لأن أبا بكر كان جد ابن الزبير لأمه، وقد قال تعالى: {وَلاَ تَنكِحُواْ مَا نَكَحَ آبَاؤُكُم مِّنَ النِّسَاء} [النساء:22] والجد للأم داخل في ذلك.
          قوله: (كأخي السرار) قال الخطابي: سمعت أبا عمرو يذكر عن أبي العباس: كالسرار، وأخي صلة، قال: وقد يكون معنى صاحب السرار. وقيل: كالمناجي سرًّا.
          وروي عن أبي بكر مثل فعل عمر لم يكن بعد ذلك من كلامه لرسول الله حتى يستفهمه.
          قال الداودي: قوله: (مروا أبا بكر) وقال: إنكن لأنتن صواحب يوسف، فيه دليل على أن أوامره على الوجوب وهي في مراجعته بعض المكروه، واحتج بهذا الحديث على الثوري القائل: يؤم القوم أقرؤهم. وإن أبا بكر لما كان أعلم الصحابة وأفضلهم قدمه الشارع، وان كان فيهم من هو أقرأ منه، قال عمر: أبي أقرؤنا.
          قولها: (لن يسمع الناس من البكاء) فيه: أن البكاء من خشية الله لا تقطع الصلاة(2). وحمله جمهور أصحابنا على ما إذا لم يبن منه حرفان.
          وفيه دليل على جواز القول بالرأي، ولذلك أقرها ◙ على اعتراضها عليه، بالرأي بعد قصة علي المارة وقول عائشة لحفصة هاته من المخاطبة فعدلت إلى غيرها ليتكرر عليه القول فيصغي إليه قوله: (صواحب) قيل: يريد جنس النساء، وقيل: امرأة العزيز، وأتى بلفظ الجمع كما يقال: فلان يميل إلى النساء، ولعله إنما مال إلى واحدة منهن، فذكرهما بفساد رأي من تقدم من جنسهن فإنهن دعون إلى غير صواب مثلكما.
          والأحمر في حديث سهل: الشديد الحمرة. والوَحَرة بالتحريك دويبة حمراء تلزق بالأرض كالوزغة تقع في الطعام فتفسده، وقيل: كالعضاءة إذا دبت على الأرض، وحر أي فسد، وقيل: هي دويبة فوق العدسة حمراء. والأسحم: الأسود، والألية بفتح الهمزة. وأتى هاهنا بهذا الحديث؛ لأن الحكم يشتمل على حد إلى الأبد، كما نبه عليه الداودي.
          ودخول عثمان ومن معه قبل علي والعباس ليكلما عمر في القضاء بينهما.
          و(الرهط): ما دون العشرة ليس فيهم امرأة وقول العباس: (اقض بيني وبين الظالم) أي: في هذا الأمر على ما تأول، ليس أنه يظلم الناس.
          قوله: (فاستبا): قال الداودي: يعني أن كل واحد منهما يدعي أنه ظلم في هذا الأمر ليس أن عليًّا يسب العباس بغير ذلك؛ لأنه كأبيه، ولا أن العباس يسب عليًّا؛ لفضله وسابقته وقوله لعلي والعباس: (إن رسول الله قال ذلك / ، قالا: نعم)، ثم قال في سياق كلامه: (جئتني تسألني ميراثك) إلى آخره، فإنما قالا كان ذلك أنه ◙ قال: ((لا نورث))، لم يذكرا أواخرهما من قصد فرجعا إلى قوله، قاله الداودي، قال: وقوله: (وأنتما تقولان إن أبا بكر فيها كذا) يعني منعه الميراث، وهما لا يقولان ذلك إلا قبل علمهما أو في حال نسيانهما أنه ◙ قال: ((لا نورث)).
          قال والدي ⌂:
          (باب الاقتداء بأفعال النبي صلعم).
          قوله: (خواتيم) أي اتخذ كل أحد خاتماً لأن مقابلة الجمع بالجمع مفيد للتوزيع، و(أخذت) في بعضها اتخذت مر في اللباس.
          و(الغلو) التجاوز عن الحد، و(البدع) جمع البدعة وهي ما لم يكن له أصل في الكتاب والسنة، و(لا تواصلوا) أي: في الصوم.
          فإن قلت: إذا كان يطعمه الله فلا يكون مواصلاً بل مفطر؟ قلت: المراد بالإطعام لازمه وهو التقوية أو طعام الجنة مثلاً لا يكون مفطراً.
          فإن قلت: الصحابة لم خالفوا النبي؟ قلت: ظنوا أنه ليس للتحريم.
          و(لزدتكم) أي: في المواصلة حتى تعجزوا عنه وعن سائر الطاعات، و(كالمنكل) أي: كالمعاقب وفي بعضها كالمنكر وفي بعضها كالمنكي مر في الصيام.
          قوله: (إبراهيم) أي: ابن يزيد بالزاي التيمي الكوفي، و(الآجر) بالمد وضم الجيم وتشديد الراء معرب، و(أسنان الإبل) أي: إبل الديات لاختلافها في العهد وشبهه والخطأ، و(عير) بفتح المهملة(3) وإسكان التحتانية وبالراء جبل وكذا كناية عن موضع أو جبل ومر مباحث الحديث في باب حرم المدينة في آخر الحج، و(حدثا) أي بدعةً أو ظلماً، واللعنة هاهنا البعد عن الجنة أول الأمر بخلاف لعنة الكفار فإنها البعد عنها كل الإبعاد أولاً وآخراً، و(الصرف) الفريضة، و(العدل) النافلة وقيل بالعكس.
          قوله: (فيها) أي: في الصحيفة وفي بعضها فيه أي في الكتاب، و(ذمة) أي: العهد والأمان يعني: أمان المسلم للكافر صحيح والمسلمون كنفس واحدة فيعتبر أمان أدناهم من العبد والمرأة ونحوهما له، و(أخفر) أي نقض عهده.
          قوله:، و(إلي) أي: نسب نفسه إليهم كانتمائه إلى غير أبيه أو انتمائه إلى غير معتقه وذلك لما فيه من كفر النعمة وتضييع حقوق الإرث والولاء والعقل وقطع الرحم ونحوه ولفظ (بغير إذن مواليه) ليس لتقييد الحكم به وإنما هو إيراد الكلام على ما هو الغالب.
          فإن قلت: ما وجه مناسبته للترجمة؟ قلت: لعله استفاد من قول علي ☺ تبكيت من تنطع في الكلام وجاء بغير ما في الكتاب والسنة.
          قوله: (مسلم) يحتمل أن يكون ابن صبيح مصغر الصبح وابن أبي عمران البطين بفتح الموحدة لأنهما يرويان عن مسروق والأعمش يروي عنهما.
          قوله: (شيئا ترخص فيه) أي: أسهل فيه مثل الإفطار في بعض الأيام، و(الصوم) في بعضها في غير رمضان ومثل التزوج واحترز قوم عنه بأن سردوا الصوم واختاروا العزوبة، و(أعلمهم) إشارة إلى القوة العملية، و(أشدهم خشية) أي: أتقاهم إلى القوة العملية أي: هم يتوهمون أن رغبتهم عما فعلت أفضل لهم عند الله وليس كما توهموا إذ أنا أعلمهم بالأفضل وأولاهم بالعمل به مر في الأدب في باب من لم يواجه بالعتاب.
          قوله: (نافع بن عمر الجمحي) بضم الجيم وفتح الميم وبالمهملة، و(ابن أبي مليكة) عبد الله، و(الخيران) بتشديد التحتانية أبو بكر وعمر وأشار بأن يكون أميراً وأحدهما هو عمر، و(الأقرع) بالقاف ابن حابس بالمهملتين والموحدة بينهما الحنظلي بالمهملة والنون والمعجمة، أخي بني مجاشع بالجيم والمهملة بلفظ الفاعل؛ أي واحد منهم، و(الآخر) أي: أبو بكر وغيره هو القعقاع بفتح القافين وسكون المهملة الأولى ابن سعيد وهما كانا يطلبان الإمارة والحديث مرسل لأن ابن أبي مليكة تابعي ومر في سورة الحجرات، و(ابن الزبير) عبد الله، و(أبيه) أي: جده أي كان عمر بعد ذلك لا يرفع صوته فلم يذكر ذلك عن أبي بكر ☺.
          و(كأخي السرار) أي: صاحب المسارة قال أبو العباس النحوي: / أي: كالسرار وأخي صلة.
          قوله: (مروا) أي: قولوا أطلق الخاص وأراد العام واختلف الأصوليون في أن الأمر بالأمر بالشيء أمر بذلك الشيء أم لا، وفي أن أمر المأمور بالأمر أمر أم لا، و(فعلت) أي: قالت، و(صواحب يوسف) أي: أنتن تشوشن الأمر عليّ كما أنهن كن يشوشن على يوسف ◙، و(ما كنت) بلفظ الخطاب والتكلم مر في الصلاة.
          قوله: (ابن أبي ذئب) بالحيوان المشهور محمد، و(عويمر) مصغر عامر العجلاني، و(عاصم بن عدي) بفتح المهملة الأولى وكسر الثانية، و(خلف عاصم) أي: بعد رجوعه، و(قرآنا) أي: قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُن لَّهُمْ شُهَدَاء} الآية [النور:6]، و(دعاهما) أي: عويمراً وزوجته ولم يأمره لأن نفس اللعان يوجب المفارقة، و(جرت السنة) أي: صار الحكم بالفراق بينهما شريعة، و(الوَحَرة) بفتح الواو والمهملة والراء دويبة، و(أسحم) أي: أسود، و(أعين) الواسع العين والأليتين هو على الأصل وإلا فالاستعمال على حذف التاء منه.
          فإن قلت: كل الناس ذو أليتين أي عجيزتين؟ قلت: معناه أليتين كبيرتين.
          و(المكروه) أي: الأسحم لا الأعين لأنه متضمن لثبوت زناها عادة مر في اللعان.
          قوله: (مالك بن أوس) بفتح المهملة وإسكان الواو وبالمهملة النصري بالنون وتسكين المهملة، و(محمد بن جبير) مصغر ضد الكسر (ابن مطعم) بفاعل الإطعام، و(يرفأ) بفتح التحتانية وإسكان الراء وبالفاء مهموزاً وغير مهموز اسم حاجب عمر ومولاه.
          قوله: (بين الظالم) وإنما جاز للعباس مثل هذا القول لأن عليًّا ☺ كان كالولد له وللوالد ما ليس لغيره أو هي كلمة لا يراد بها حقيقتها أو الظلم هو وضع الشيء في غير موضعه وهو متناول للصغيرة وللخصلة المباحة التي لا تليق به عرفاً، وفي الجملة حاشا لعلي أن يكون ظالماً ولا يصير ظالماً بنسبة الظلم إليه فلا بد من التأويل، وقال بعضهم هاهنا مقدر أي: هذا الظالم إن لم ينصف أو كالظالم.
          قال المازري: هذا اللفظ لا يليق بالعباس وحاشا علي من ذلك فهو سهو من الرواة وإن كان لا بد من صحته فيؤول بأن العباس تكلم بما لا يعتقد ظاهره مبالغة في الزجر وردعاً لما يعتقده أنه مخطئ فيه، ولهذا لم ينكره أحد من الصحابة لا الخليفة ولا غيره مع تشددهم في إنكار المنكر وما ذاك إلا أنهم فهموا بقرينة الحال أته لا يريد به الحقيقة.
          قوله: (واستبا) أي: تخاشنا في الكلام وتكلما بغليظ القول كالمستبين، و(اتئدوا) من الافتعال أي: اصبروا وامهلوا، و(أنشدكم الله) وفي بعضها: بالله أي أسألكم بالله، و(لا نورث) بفتح الراء، و(صدقة) بالرفع، و(يريد به نفسه) أي: لا يريد به الأمة وقيل: جمع لأن ذلك حكم عام لكل الأنبياء.
          قوله: (هذا الأمر) أي: قصد ما تركه رسول الله صلعم وكيفية تصرفه فيه في حياته وتصرف أبي بكر فيه ودعوى فاطمة والعباس الإرث ونحوه، و(هذا المال) أي: الفيء ولم يعطه غيره؛ لأنه أباح الكل أو الجل له لا لغيره، و(احتازها) بالمهملة والزاي جمعها وفي بعضها بالمعجمة والراء، و(استأثر) أي: استقل واستبد، و(بثها) أي: فرقها، و(مال الله) أي: ما هو لمصالح المسلمين.
          قوله: (أنتما) مبتدأ، و(تزعمان) خبره، و(كذا) أي: ليس محقا ولا فاعلاً بالحق.
          فإن قلت: كيف جاز لهما مثل هذا الاعتقاد في حقه؟ قلت: قالا باجتهادهما قبل وصول حديث لا نورث إليهما وبعد ذلك رجعا عنه واعتقدا أنه محق بدليل أن عليًّا ☺ لم يغير الأمر عما كان عليه حين انتهت توبة الخلافة إليه.
          قوله: (على كلمة واحدة) يعني: لم يكن بينكما مخالفة وأمركما مجتمع لا تفرُّق فيه ولا تنازع عليه.
          فإن قلت: إذا كانا يعلمان الحديث في زمان عمر فما يسألان وما يصيبهما؟ قلت: كانا يتصرفان فيهما بالشركة فطلبا أن يقسم بينهما ويخصص كل واحد منهما بنصيبه فكره عمر القسمة ولا سيما بتطاول الزمن لئلا يظن أنها ملك.
          قوله: (بينها) أي: فإن عجزتما عن التصرف فيها مشتركاً فأنا أكفيكماها وأتصرف فيها لكما مر الحديث مبسوطاً في الجهاد في قصة فدك.
          الزركشي:
          (كاد الخيران أن يهلكا) بكسر اللام، يقال: رجل خير، أي: كثير الخير.
          (كأخي السرار) أي: كصاحب السرار / ، أي: لا يرفع صوته إذا حدثه؛ أي: كلاماً كمثل المسارة وشبهها بخفض صوته.
          قال في ((الفائق)): ولو أريد بـ((أخي السرار)) المسار كان وجهاً، والكاف على هذا في محل نصب على الحال، وعلى الأول صفة لمصدر محذوف.
          (لا يسمعه حتى يستفهمه) قال الزمخشري: والضمير في يسمعه راجع للكاف إذا جعلت صفة للمصدر، و((لا يسمعه)) منصوب المحل بمنزلة القاف على الوصفية، وإذا جعلت حالاً كان الضمير لها أيضاً إلا إن قدر مضاف محذوف، كقولك: سمع صوته، فحذف الصوت وأقيم الضمير مقامه، ولا يجوز أن يجعل ((لا يسمعه)) حالاً عن النبي صلعم؛ لأن المعنى يصير خلفاً؛ أي: ركيكا، انتهى.


[1] ((تنطع وجاء بغير ما في كتاب الله تعالى وغير ما في سنة رسوله)): لعلها جاءت مكررة من الجملة قبلها.
[2] في هامش الخطوط: ((أقول ذكر أن كلهن يعني اللاتي جمعتهن ملن إليه وذلك أنها قالت لهن قلن له أن يسمع ما آمره به فخلت كل منهن به ودعته إلى نفسها فليست امرأة العزيز وحدها دعته إلى نفسها)).
[3] في المخطوط: ((الهمزة)) ولعل الصواب ما أثبتناه.