مجمع البحرين وجواهر الحبرين

باب إثم من آوى محدثًا

          ░6▒ باب إثم من آوى محدثا
          رواه علي عن النبي صلعم.
          فيه حديث عاصم: قلت لأنس: أحرم النبي صلعم المدينة؟.. الحديث ساقه عن موسى بن إسماعيل، ثنا عبد الواحد، ثنا عاصم به. قال عاصم: فأخبرني موسى بن أنس أنه قال: أو آوى محدثاً.
          ذكر الدارقطني في ((علله)): أن عبد الواحد رواه فقال في آخره: قال موسى بن أنس: أو آوى محدثاً، ووهم في قوله موسى بن أنس، والصحيح ما رواه شريك وعمرو بن أبي قيس، عن عاصم الأحول، عن أنس، وفي آخره فقال النضر بن أنس: أو آوى محدثاً، وقال في ((استدراكاته)): هذا وهم من (خ) أو من شيخه يعني موسى بن إسماعيل؛ لأن (م) خرجه عن عامر بن عمر، عن عبد الواحد فقال فيه: فقال النضر. وهو الصواب.
          وفيه فضل عظيم للمدينة شرفها الله تعالى، وذلك تغليظ الوعيد بلعنة الله والملائكة والناس أجمعين لمن أحدث فيها حدثاً أو آوى محدثاً، وفي حديث علي السالف: ((لا يقبل منه صرف ولا عدل)).
          ودل الحديث على أن من آوى أهل المعاصي والبدع أنه شريك في الإثم، وليس الحديث دالًّا على أن من فعل ذلك في غيرها أنه غير متوعد ولا ملوم على ذلك؛ لتقدم العلم بأن من رضي فعل قوم وعملهم أنه منهم وإن كان بعيداً عنهم، فهذا الحديث نص في تحذير فعل شيء من المنكر في المدينة، وهو دليل في التحذير من إحداث مثل ذلك في غيرها، وخصت بالذكر هنا؛ لأن اللعنة له أشد والوعيد آكد لانتهاكه ما حذر عنه وإقدامه على مخالفة رسول الله فيما كان يلزمه من تعظيم شأن المدينة المشرفة بأنها منزل وحيه وموطن نبيه، ومنها انتشر الدين في الأقطار فكان لها بذلك فضل مزية على سائر البلاد.
          وسلف اختلاف العلماء فيما يقطع من شجرها وما يصاد من صيدها آخر الحج، والحديث دال على حرمة اصطيادها، وفي الضمان خلاف، والجديد عندنا: لا ضمان. وهو ما في ((المدونة))، والقديم: نعم، وهو قول ابن أبي ليلى ونافع وابن أبي زيد.