مجمع البحرين وجواهر الحبرين

باب الاقتداء بسنن رسول الله

          ░2▒ بابُ الاقتداء بسنن رسول الله صلعم
          وقول الله: {وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا} [الفرقان:74].
          وقال ابن عون: ثلاث أحبهن لنفسي.. إلى آخره.
          وهذا أخرجه اللالكائي في ((سننه الكبير)) من حديث القعنبي عن حماد بن زيد عنه.
          ثم ساق أحاديث:
          1- حديث قال: جلس إلي شيبة في هذا المسجد.. الحديث.
          2- حديث حذيفة يا رسول الله: ((إن الأمانة نزلت من السماء)) الحديث.
          3- حديث مرة الهمداني قال عبد الله: إن أحسن الحديث كتاب الله.
          4- حديث أبي هريرة وزيد بن خالد قال: كنا عند النبي صلعم.
          5- حديث أبي هريرة: قال رسول الله صلعم: ((كل أمتي يدخلون الجنة)).
          6- حديث جابر بن عبد الله أخرجه عن محمد بن عبادة، ثنا يزيد، ثنا سليم.. إلى آخره.
          7- حديث [حذيفة] قال: يا معشر القراء، استقيموا.
          8- حديث أبي موسى: ((أنا النذير العريان)) وسلف.
          9- حديث أبي هريرة: في قوله: لو منعوني عقالاً.
          10- حديث ابن عباس: قدم عيينة بن حصن.. إلى آخره.
          11- حديث أسماء في الكسوف.
          12- حديث أبي هريرة: ((دعوني ما تركتكم)).
          أمر الرب جل جلاله عباده باتباع نبيه والاقتداء بسنته، فقال: {فَآمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ} [الأعراف:158]، وقال: {فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ} الآية [الأعراف:157] وتوعد من خالف سبيله ورغب عن سنته فقال: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ} [النور:63]، وهذه الآيات مصدقة لأحاديث هذا الباب.
          وقول عمر: (لقد هممت أن لا أدع فيها بيضاء ولا صفراء) يعني: ذهباً ولا فضة، أراد أن يقسم المال الذي يجمع بمكة وفضل عن بعضها ومؤنتها، ويضعه في مصالح المسلمين، فلما ذكره شيبة أنه ◙ والصديق بعده لم يتعرضا له لم يسعه خلافهما، ورأى أن الاقتداء بهما واجب، فربما تهدم البيت أو خلو بعض آلاته فصرف ذلك المال فيه، وليصرف ذلك المال في منافع المسلمين لكان كأنه قد خرج عن وجهه الذي سئل فيه.
          وما ذكره (خ) في تفسير الآية هو قول الحسن، وقال الضحاك: إنه يقتدي بنا في الخير.
          وأما الأمانة التي في حديث حذيفة فإنها الإيمان وجميع شرائعه، والتنزه عن الخيانة وشبهها.
          والجذر: أصل الشيء فدل ذلك أن الإيمان مفروض على القلب ولا بد من النية في كل عمل على ما يذهب إليه جمهور الأئمة.
          قوله: (نزلت في جذر قلوب الرجال) يقضي بغض الرجال الذين ختم الله لهم بالإيمان، وأما من لم يقدر له به، فليس بداخل في ذلك، ألا ترى قوله: ((ونزل القرآن ثم قرءوا من القرآن وعلموا من السنة)) يعني: المؤمنين خاصة المذكورين في أول الحديث.
          وشيخ (خ) في حديث أبي هريرة: ((كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى)) محمد بن سنان هو: الباهلي العوفي؛ لنزوله فيهم، وشيخه في حديث جابر محمد بن عبادة هو بفتح العين والباء، وما عداه في ((الصحيحين)) / : عبادة بضم العين.
          ومتابعة قتيبة أخرجها (ت)، ثم قال: هو سعيد بن أبي هلال لم يدرك جابراً، وقد روي هذا الحديث عن النبي صلعم من غير هذا الوجه بإسناد أصح من هذا.
          وقال خلف الواسطي في ((أطرافه)) لم يسمع سعيد من جابر، والحديث ليس بمتصل، وكأن (ت) يشير بالإسناد الصحيح إلى ما رواه هو من حديث سعيد بن ميناء، وقال: صحيح غريب من هذا الوجه، فقال: ثنا محمد بن سنان عن سليم بن حيان عنه.
          قوله: (من أبى قالوا: ومن يأبى؟) هذا الحرف من النوادر؛ لأن الفعل إذا لم يكن عينه ولا لامه من حروف الحلق كان مستقبله بالكسر أو الضم إلا نادراً، منها هذا، وحيي يحيي، وقلى يقلي وركن يركن، واعتل بهذا الفعل بأنهم أقاموا الألف مقام الهمزة وهي حرف حلق، وهذا التعليل لا يصح في ركن يركن.
          والمأدبة بضم الدال وفتحها فصيحتان حكاهما الجوهري وغيره، والمشهور الضم والفتح مفعلة من الأدب.
          قوله: (العين نائمة والقلب يقظان) يدل أن رؤيا الأنبياء وحي؛ لثبات القلب، وكذلك قال عمر عنه ◙: ((إن عيني تنامان ولا ينام قلبي)) وكذلك الأنبياء.
          وفيه دليل أن الفهم والمعرفة في القلب.
          وقول الملك: (أولوها له) يدل أن الرؤيا على ما عبرت في النوم.
          قوله: (سبقتم سبقاً بعيداً) هو بفتح السين مثل ضرب ضرباً.
          قوله: (وأنا النذير العريان) قال ابن السكيت: هو رجل من خثعم حمل عليه يوم ذي الخلصة عوف بن عامر، فقطع يده ويد امرأته(1). وقال الخطابي: إن النذير إذا كان على مركب عال فبصر بالعدو نزع ثوبه ولاح به ينذر القوم، فسمي العريان.
          وقال أبو عبد الملك: هذا مثل قديم، وذلك أن رجلاً لقي جيشاً فجردوه، فجاء إلى المدينة فقال: رأيت الجيش بعيني وأنا النذير العريان لكم، وروي عرياناً: جردوني الجيش.
          قوله: (فالنجاء) أي: السرعة، وهو ممدود، ويصح أن يكون من نجا ينجو نجاءً من النجاة.
          قوله: (فأدلجوا) أي: ساروا من أول الليل مأخوذ من الإدلاج؛ أي: أدلجوا، وضبط بتشديد الدال، أي: ساروا بسحر، والاسم منهما الدلجة بالضم والفتح، ومعنى اجتاحهم: استأصلهم.
          وقول عمر في أهل الردة على وجهين، واحتجاج الصديق، ورجع إليه الصحابة كلهم، وثبتت حجته لهم، وكان أهل الردة على وجهين: قوم كفروا، وقوم امتنعوا من الزكاة وأقروا بالإسلام، وأراد عمر الكف عن هؤلاء، وأراد الصديق قتالهم على الفساد في الأرض؛ لأنهم لا فساد عليهم من منع فريضة، وحكم نافي الزكاة الكفر فإن قدر عليه أخذت منه قهراً، واختلف في إجزائها لأجل النية.
          و(الحر) بحاء مهملة مضمومة ثم راء ابن قيس، وفي الأنصار الجد بن قيس بفتح الجيم ثم دال سيد بني سلمة قال لهم ◙: ((من سيدكم؟)) قالوا: الجد بن قيس على أنا نزنه بشيء من البخل. فقال: ((أي داء أدوى من البخل)).
          وقول عيينة: (ما تعطينا الجزل) أي: العطاء الجزل، وهو العظيم الكثير، وكان عيينة هذا رئيس قومه، وهو الأحمق المطاع، ولم يعرف رئيس شحيح إلا أبو سفيان، ولا رئيس صغير إلا أبو جهل، وعيينة هو الذي قال فيه رسول الله: ((بئس أخو العشيرة))، فلما أقبل بش له وذكر أنه ارتد بعد رسول الله ثم راجع الإسلام.
          ومعنى قول الحر: (فما جاوزها عمر، وكان وقافاً عند كتاب الله) هو معنى الترجمة والإعراض عن الجهل إذا صح إنه جهل مرغب فيه مندوب إليه.
          وأما إذا كان الجفاء على السلطان تعمداً واستخفافاً بحقه فله تغييره والتشديد فيه، واستعمال عمر لهذه الآية على أنها غير منسوخة، وهو قول مجاهد وقتادة.
          وروى هشام بن عروة، عن أبيه، وعن عبد الله بن الزبير قالا: نزلت هذه الآية في أخذ الفقر من أخلاق الناس وأعمالهم، وما لا يجهدهم، فعلى هذا القول هي محكمة، وهذا لفظه لفظ الأمر، وهو تأديب من الله نبيه، وفي تأديبه تأديب لأمته، فهو تعليم للمعاشرة الجميلة والأخذ بالفضل.
          وقد روي عن ابن عباس في قوله تعالى: {خُذِ الْعَفْوَ} [الأعراف:199] يعني: الفضل من أموال الناس ثم نسخ ذلك، وهو قول الضحاك والسدي.
          وفيها قول ثالث عن ابن زيد قال: أمر الله تعالى نبيه بالعفو عن المشركين وترك الغلظة عليهم قبل أن يفرض عليه قتالهم ثم نسخت بالقتال.
          قوله: (فإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه، وإذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم) احتج به من قال: إن الأمر موضوع على الندب دون الإيجاب؛ لأنه علق / الأمر بمشيئتنا واستطاعتنا، وألزمنا الانتهاء عما نهى عنه فوجب حمل النهي على الوجوب دون الأمر. ورده ابن الطيب، وقال: التعليق به غير صحيح ومعنى قوله: ((فأتوا منه ما استطعتم)) إذا كنتم مستطيعين، وقد يأمر بالفعل الذي نستطيعه علي سبيل الوجوب كما يأمر به على الندب، ولا يدل على أنه ليس بواجب، قال تعالى: {فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن:16]، ولم يرد به ندبنا أن التقوى دون إيجابه، ومعنى الآية والخبر: أن اتقوه إذا كنتم سالمين غير عجزة قادرين، ولم يرد أنه لا يؤمر إلا من قد وجدت قدرته على الفعل كما تقول القدرية.
          وقال المهلب: من احتج بهذا الحديث أن النواهي أوجب من الأوامر فهو خطأ؛ لأنه ◙ لم ينه بهذا الحديث عن المحرمات التي نهى الله عنها في كتابه، بأن حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن، وإنما أراد فإذا نهيتكم عما هو مباح لكم أن تأتوه، فإنما نهيتكم رفقاً بكم، كنهيه عن الوصال إبقاء عليهم، وكنهيه عن إضاعة المال لئلا يكون سبباً لهلاكهم، ونهيه عن كسب الحجام وعسب الفحل تنزهاً واعتلاء عن الأعمال الوضيعة، وأما الأمر الذي أمرهم أن يأتوا منه ما استطاعوا فهو الأمر من التواصي بالخير والصدقات.
          وصلة الرحم، وغير ذلك مما سنه وليس بفرض، ولذلك قال لهم: ((فأتوا ما استطعتم)) أي: لم آمركم بذلك أمر إلزام ولا أمر حتم أن تبلغوا غاياته، ولكن ما استطعتم من ذلك؛ لأن الله تعالى عفا عما لا يستطاع، وعلى هذا المعنى خرج لفظ الحديث منه ◙؛ لأن أصحابه كانوا يكثرون سؤاله عن أعمال من الطاعات يحرصون على فعلها، فكان ◙ ينهاهم عن التشديد ويأمرهم بالرفق؛ خشية الانقطاع، وسيأتي بعض مذاهب العلماء في الأمر والنهي في باب النهي عن التحريم إلا ما يعرف إباحته إن شاء الله تعالى.
          قوله: (وأوحى إلي إنكم تفتنون في القبور قريباً من فتنة الدجال) أي: فتناً قريباً، ويصح أن يكون: فتنة قريباً، وأتى به على المعنى أي: تبتلون بلاءً قريباً، مثل قوله تعالى: {إِنَّ رَحْمَتَ اللّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ} [الأعراف:59] أي: إن إحسانه أولى، ولأن ما كان تأنيثه حقيقيًّا يجوز تذكيره.
          قال والدي ⌂:
          (كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة) (الكتاب) هو الكلام المنزل على محمد صلعم للإعجاز بسورة منه وقيل ما نقل بين دفتي المصحف تواتراً، و(السنة) هي قول الرسول صلعم وفعله وتقريره وهذه الترجمة مقتبسة من قوله تعالى: {وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ} [آل عمران:103] إذ المراد بالحبل: الكتاب والسنة على سبيل الاستعارة المصرحة والقرينة إلى الله والجامع كونها سبباً للمقصود الذي هو الثواب كما أن الحبل سبب للمقصود من السقي ونحوه.
          قوله: (عبد الله الحميدي) بالضم، و(مسعر) بكسر الميم وسكون المهملة الأولى وفتح الثانية الهلالي العامري، و(قيس ابن مسلم) بفاعل الإسلام، و(طارق) بكسر الراء الأحمسي بالمهملتين، و(عرفة) غير منصرف، و(جمعة) منصرف.
          فإن قلت: لم فرق بينهما؟ قلت: لأن الأول علم للزمان المعين والثاني اسم جنس له.
          فإن قلت: ما وجه الموافقة بين الكلامين؟ قلت: مقصوده أن ذلك اليوم أيضاً عندنا عيد مر في الإيمان.
          قوله: (الغد) أي: في اليوم الثاني من يوم المبايعة الأولى الخاصة ببعض الصحابة، و(الذي عنده) أي: في الآخرة، و(الذي عندكم) أي: الدنيا.
          و(وهيب) مصغراً، و(خالد) أي: الحذاء مر الحديث في العلم، و(عبد الله بن صباح) بالتشديد العطار البصري، و(معتمر) أخو الحاج، و(عوف) بالواو والفاء المشهور بالأعرابي، و(أبو المنهال) بكسر الميم وسكون النون سيار ضد الوقاف ابن سلامة، و(أبو برزة) بفتح الموحدة وتسكين الراء وبالزاي نضلة بفتح النون وإسكان المعجمة الأسلمي، و(يغنيكم) من الإغناء بالمعجمة والنون، ويروى نعشكم بالمهملة والمعجمة أي: رفعكم أو جبركم عن الكسر وأقامكم عن العثر.
          قوله: (وأقر لك) عطف على متقدم عليه كان في مكتوب ابن عمر ☺، و(جوامع الكلم) أي: الكلمات القليلة الجامعة للمعاني الكثيرة، و(بالرعب) أي: بمجرد الخبر الواصل / إلى العدو يفزعون مني ويؤمنون، و(ترغثونها) بالراء والمعجمة والمثلثة أي: تستخرجون منها وترتضعونها، و(تلغثونها) أي: تجمعونها وقيل: هما بمعنى واحد مثل سمر وسمل وبين الحرفين مقاربة.
          قوله: (أيومن) مجهولاً، و(آمن) معروفاً وهو شك من الراوي، و(عليه) أي: مغلوباً عليه يعني: فيه تضمين معناها وإلا فاستعماله بالباء أو باللام، واختلفوا في معناه على أقوال:
          أحدها: أن كل نبي أعطي من المعجزات ما كان مثله لمن كان قبله من الأنبياء فآمن به البشر، وأما معجزتي العظمى فهي القرآن الذي لم يعط أحد مثله فلهذا أنا أكثرهم تبعاً.
          الثاني: أن الذي أوتيته لا يتطرق إليه تخييل بسحر وشبهه بخلاف معجزة غيري فإنه قد يخيل الساحر بشيء مما يقارب صورتها كما خيلت السحرة في صورة عصا والخيال قد يروج على بعض العوام والفرق بين المعجزة والسحر يحتاج إلى فكر وقد يخطئ الناظر فيعتقدهما سواء والأقوال الأخر ذكرناها في فضائل القرآن.
          فإن قلت: إنما للحصر ومعجزته ما كانت منحصرة في القرآن؟ قلت: المراد النوع المختص به أو أعظمها وأفيدها فإنه يشتمل على الدعوة والحجة وينتفع به الحضر والغائب إلى يوم القيامة ولهذا رتب عليه بقوله فأنا أرجو.
          قوله: (أئمة) يعني: استعمل الإمام هنا بمعنى الجمع بدليل اجعلنا.
          فإن قلت: الإمام هو المقتدى فمن أين استفاد المأمومية حتى ذكر المقدمة الأولى أيضاً؟ قلت: هي لازمة إذ لا يكون متبوعاً لهم إلا إذا كان تابعاً لهم أي: ما لم يتبع الأنبياء لا تتبعه الأولياء ولهذا لم يذكر الواو بين المقدمتين وقال في كتب التفسير قال مجاهد: أي: اجعلنا ممن نقتدي بمن قبلنا حتى يقتدي بنا من بعدنا.
          و(ابن عون) بالنون هو عبد الله وهذه هي إشارة إلى سنة رسول الله صلعم إشارة نوعية لا شخصية، وقال في القرآن: يتفهموه وفي السنة يتعلموها؛ لأن الغالب على حال المسلم أن يتعلم القرآن في أول أمره فلا يحتاج إلى الوصية بتعلمه فلهذا وصى بفهم معناه وإدراك منطوقه وفحواه، و(يدعوا) أي: يتركوا الناس؛ أي: لا يتعرض لهم رحم الله امرءاً شغله خويصة نفسه عن الغير نعم إن قُدِر على إيصال خير فبها ونعمت وإلا تَركُ الشر أيضاً خير كثير.
          قوله: (عمرو بن عباس) بالمهملتين وبالموحدة الأهوازي بالزاي البصري، و(عبد الرحمن) هو ابن مهدي، و(واصل) ضد الفاصل ابن حيان بتشديد التحتانية وبالنون، و(أبو وائل) بالهمز بعد الألف شقيق بالقافين، و(شيبة) بفتح المعجمة وسكون التحتانية وبالموحدة ابن عثمان الحجبي العبدري(2) أسلم بعد الفتح وبقي إلى زمان يزيد بن معاوية، و(المسجد) أي: المسجد الحرام، و(إلى) بالإضافة أي: إلى المتكلم، و(هممت) أي: قصدت أن لا أترك في الكعبة ذهباً ولا فضة، و(يقتدى) بلفظ المجهول مر في الحج في باب كسوة الكعبة.
          قوله: (جدر) بفتح الجيم وإسكان المعجمة الأصل، و(الرجال) أي: المؤمنين، و(الأمانة) قيل: المراد بها الإيمان وشرائعه، و(نزل القرآن) أي: كان في طبائعهم الأمانة بحسب الفطرة التي فطر الناس عليها وورد[ت] الشريعة بذلك فاجتمع الطبع والشرع في حفظها مر في كتاب الرقائق.
          قوله: (عمرو بن مرة) بالضم وشدة الراء الجهني، وأما مرة شيخه فهو الهمداني بسكون الميم، الكوفي كان يصلي كل يوم ألف ركعة، و(عبد الله) أي: ابن مسعود، و(الهدي) بفتح الهاء وإسكان المهملة: السمت والطريقة، و(محدثاتها) أي: البدع الذي لم يكن لها أصل في الكتاب والسنة مر في الرقائق
          قوله: (بينكما) الخطاب للأعرابي وخصمه فيما زنا ابنه العسيف بامرأته وأعطى وليدة ومائة من الغنم.
          قوله: (محمد بن سنان) بكسر المهملة وخفة النون الأولى، و(فليح) مصغر الفلح بالفاء والمهملة ابن سليمان، و(هلال بن علي) ويقال هلال بن أبي هلال وهلال بن أبي ميمونة، و(هلال بن أسامة) المدني، و(عطاء بن يسار) ضد اليمين.
          قوله: (وقد أبى) يعني: عن قبول الدعوة أو امتثال الأوامر.
          فإن قلت: العاصي يدخل / الجنة أيضاً إذ لا يبقى مخلداً في النار؟ قلت: يعني: لا يدخل في أول الحال أو المراد بالإباء الامتناع عن الإسلام.
          قوله: (محمد بن عبادة) بفتح المهملة وتخفيف الموحدة الواسطي، و(يزيد) من الزيادة ابن هرون، و(سليم) بفتح المهملة ابن حيان بالمهملة وشدة التحتانية الهذلي، و(سعيد بن مينا) بكسر الميم وتسكين التحتانية وبالنون مقصوراً وممدوداً المكي وأثنى يزيد على سليم.
          قوله: (لصاحبكم) أي: لسيدنا محمد صلعم، و(مثله) بفتح الميم والمثلثة؛ أي: صفته ويمكن أن يراد به ما عليه أهل البيان وهو ما فشا من الاستعارات التمثيلية، و(المأدبة) بفتح الدال وضمها طعام يدعى إليه الناس كالوليمة، و(أولوها) أي: فسروها واكشفوها له كما هو تعبير الرؤيا حتى يفهم المقصود.
          فإن قلت: التشبيه يقتضي أن يكون مثل الباني هو مثل النبي صلعم حيث قال مثله كمثل رجل بنى داراً لا مثل الداعي؟ قلت: هذا ليس من باب تشبيه المفرد بالمفرد بل تشبيه المركب بالمركب من غير ملاحظة مطابقة المفردات من الطرفين كقوله تعالى: {إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاء} [يونس:24].
          قوله: (فرق) بلفظ الماضي وفي بعضها: بسكون الراء أي: فارق بين المطيع والعاصي.
          قوله: (خالد) أي: ابن يزيد بالزاي الفقيه، و(سعيد) ابن أبي هلال الليثي المدني وهو منقطع؛ لأن سعيداً لم يدرك جابراً وأوله هو خرج علينا النبي صلعم فقال إني رأيت في المنام كأن جبريل عند رأسي وميكائيل عند رجلي يقول أحدهما للآخر إن لصاحبكم هذا مثلاً.
          قوله: (استقيموا) أي: اثبتوا على الصراط المستقيم أي: الكتاب والسنة ولازموه فإنكم مسبوقون فربما تلحقون بهم بعض اللحوق قال تعالى: {وَأَنَّ هَـذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ} [الأنعام:153] وكان في الصدر إذا أطلقوا القراء أرادوا بهم العلماء.
          قوله: (محمد بن العلاء) بالمد أبو كريب مُصغرًا، و(بريد) بضم الموحدة وكذا أبو بردة وبالراء فيهما، و(العريان) أي: المجرد عن الثياب كان عادتهم أن الرجل إذا رأى العدو وأراد إنذار قومه يخلع ثوبه ويديره حول رأسه إعلاماً لقومه من البعيد بالغارة ونحوها.
          وفيه وجوه أخر تقدمت في كتاب الرقائق في باب الانتهاء عن المعاصي.
          و(النجاء) ممدوداً ومقصوراً بالنصب على أنه مفعول مطلق أي: الإسراع، و(الإدلاج) بلفظ الإفعال السير أول الليل وبالافتعال آخره، و(المهل) السكينة، و(صبحهم) أي: أتاهم صباحاً وأغار عليهم، و(اجتاحهم) بالجيم ثم الحاء استأصلهم.
          قوله: (الناس) وهم طائفة منعوا الزكاة بشبهة أن صلاة أبي بكر ☺ ليست سكناً لهم بخلاف صلاة رسول الله صلعم فإنها كانت سكناً قال تعالى: {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاَتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ} [التوبة:103].
          قوله: (حق المال) أي: هذا داخل تحت الاستثناء الرافع للعصمة المبيح للقتال، و(ابن بكير) مصغراً يحيى، و(عبد الله) هو ابن صالح المصري كاتب الليث، و(عناقاً) هو الأنثى من أولاد المعز مر في الزكاة.
          قوله: (عيينة) بضم المهملة مصغراً ابن حصن بكسر المهملة الأولى ابن حذيفة تصغير الحذفة بالمهملة والمعجمة والياء ابن بدر بفتح الموحدة، و(الحر) ضد العبد، و(مشاورته) بلفظ المصدر وبلفظ المفعول، و(الجزل) العطاء الكثير، و(وقع به) أي: بالغ في ضربه وقتاله مر الحديث في سورة الأعراف.
          قوله: (فاطمة بنت المنذر) بكسر المعجمة الخفيفة زوجة هشام بن عروة، و(أسماء) جدتها، و(كسفت) وفي بعضها: خسفت، و(يفتنون) أي: يمتحنون وذلك بسؤال منكر ونكير، و(أجبنا) أي: أجبنا دعوته وقبلنا وآمنا به، و(المرتاب) أي: الشاك في نبوته مر بفوائد في العلم في باب من أجاب الفتيا بالإشارة، و(هلك بسؤالهم) وفي بعضها: أهلك سؤالهم.
          فإن قلت: لم كان السؤال مهلكاً؟ قلت: لأنه فضول وفيه إيذاء للأنبياء صلوات الله عليهم.
          الزركشي:
          (إن الله يعينكم أو يغيثكم) وإنما هو يغشاكم.
          (وأنتم تلغثونها أو ترغثونها) بالغين المعجمة فيهما فباللام، معناه: يأكلونها، يعني: الدنيا، من اللغث وهو طعام يغش بالشعير، وبالراء: أي: ترضعونها، من رغث الجدي أمه / إذا أرضعها.
          وسبق في: ((وأنتم تنتثلونها)) وأن فيها روايات آخر.
          (أن لا أدع فيها) يعني: الكعبة، صفراء ولا بيضاء أي: الذهب والفضة.
          (محمد بن عبادة) بفتح العين وتخفيف الباء، وما عداه في ((الصحيحين)) بالضم.
          (فرق) يروى بإسكان الراء وتشديدها.
          (استقيموا فقد سبقتم) يروى بفتح السين وبضمها.
          (الحر بن قيس) بضم الحاء المهملة وبالراء، وفي الأنصار الجد بن قيس بالجيم والدال سيد بني سلمة، انتهى كلام الزركشي.
          أقول:
          قوله: (ما من الأنبياء نبي.. إلى آخره) أي: آمنوا عند معاينة ما آتاهم الله من الآيات والمعجزات، وأراد بالوحي إعجاز القرآن الذي خص به فإنه ليس شيء من كتب الله معجزاً إلا القرآن والسر في أنه يكون أكثر تابعاً يوم القيامة؛ لأن القرآن معجزة مستمرة على تعاقب السنين فكل من سمعه وعرف إعجازه آمن به فلا يزال الإسلام يزيد فيكون صلعم أكثر الأنبياء تابعاً يوم القيامة.
          قوله: (محمد فرق بين الناس) أي: يفرق بين المؤمنين والكافرين بتصديقه وتكذيبه.
          وقيل معنى قوله ما من الأنبياء نبي إلا أعطي.. إلى آخره، أن الله تعالى أيد كل نبيٍّ بعثه من الآيات يعني: المعجزات بما تصدق دعواه وتقوم به الحجة على من دعاه، إلا أن الذي أوتيه رسول الله وحي يتلى ومعجزة تدوم بعده وتبقى.
          قوله: (مأدبة) المشهور فيها الضم وقد تفتح واسمها الخاص وكثيرة؛ لأنها صنعت للبناء وقالوا مقتضى كلام أهل اللغة أن الكل يطلق عليه مأدبة.
          قوله: (محمد فرق) وفي نسخة: فرق وفي أخرى: فرَّق أي: يفرق بين المؤمنين والكافرين بتصديقه.


[1] في هامش المخطوط: ((أقول: قوله يوم ذي الخلصة فيه نظر فإن يوم ذي الخلصة كان قبل وفاته ◙ والنبي صلعم قد تلفظ بهذا المثل في أول النبوة فتأمله، فإنه قاله لقريش بمكة، وذلك سبب قول أبي لهب تبا لك.. إلى آخر الحديث)).
[2] في هامش المخطوط: ((نسبة إلى عبد الدار)).