مجمع البحرين وجواهر الحبرين

باب قول النبي: لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق يقاتلون

          ░10▒ بابُ قول النبي صلعم: ((لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق يقاتلون))
          وهم أهل العلم ثم ساق من حديث المغيرة بن شعبة: ((لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين..)).
          وحديث معاوية بن أبي سفيان: ((من يرد الله به خيراً)).
          ومعنى: (وهم ظاهرون) غالبون، قال الداودي: وفي حديث معاوية دلالة على القول بالدليل؛ لأنه قد لا يقرأ القرآن من تعلم أكثر معانيه، وقد أتى في سورة النساء من آي المواريث والفرائض ما استدل به بعض العلماء وتجد من يحفظ السورة ممن لا يعرف معانيها لا يقسم فريضة ولا يعرفها.
          فإن قلت: حديث المغيرة لفظه لفظ الخصوص في بعض الناس دون بعض، وقال في حديث معاوية: ((ولن يزال هذا الأمر مستقيماً حتى تقوم الساعة)) فعم الأمة، وهذا معارض للحديث الأول مع ما يقوي ذلك مما رواه محمد بن بشار: ثنا ابن أبي عدي، عن حميد، عن أنس قال: ((لا تقوم الساعة إلا على شرار الناس)) قلت: لا يعارضه بل بعضها دال على صحة بعض، ولكن بعضها خرج على العموم، والمراد به الخصوص، والحديثان في موضع دون موضع فإن به طائفة لا يضرهم من خالفهم وهم المعنيون بالحديث يريد في موضع دون موضع؛ لأنه لا نسخ في الأخبار ولا جائز أن يوصف الطائفة التي على الحق أنها شرار الناس، وأنها لا توحد الله، فعلم أن الموصوفين بأنهم شرار الناس غيرهم، وقد بين ذلك أبو أمامة في حديثه من حديث عمرو بن عبد الله الحمصي، عنه مرفوعاً: ((لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لعدوهم قاهرين حتى يأتيهم أمر الله وهم كذلك)) قيل: يا رسول الله، وأين هم؟ قال: ((هم ببيت المقدس وأكناف بيت المقدس)) فلا تعارض.
          فإن قلت: فأين ما فسر به من كونهم أهل العلم؟ قلت: لعله أشار إليه بقوله: ((من يرد الله به خيراً يفقه في الدين)).