مجمع البحرين وجواهر الحبرين

باب قول المقري للقاري: حسبك

          ░33▒ باب قول المقرئ للقارئ حسبك
          فيه الحديث المذكور بزيادة: فقرأت سُورة النساء حتى أتيت إلى هذه الآية الحديث وسلف في سورة النساء، ويأتي قريباً.
          ومعنى استماعه القرآن من غيره؛ ليكون عرض القرآن سنة، ويحتمل لأجل التدبر والتفهم، وذلك أن المستمع أقوى على التدبر ونفسه أخلى وأنشَط لذلك من نفس القارئ؛ لأنه في شغل القراءة وأحكامها، وأما قراءته ◙ على أبي كما سلف ليمتاز بذلك وليأخذه أبي من فيه فلا يخالجه شك في اختلاف القراءات بعده، وذلك أنه خاف عليه الفتنة في هذا الباب؛ قاله الخطابي.
          وقال أبو بكر بن الطيب نحوه؛ قال: قرأ الشارع على أبي وهو أعلم بالقرآن منه وأحفظ ليأخذ أبي نمط قراءته وسنته ويحتذي حذوه، وقد روي هذا التأويل عن أبي وابنه.
          وفي قوله: (حسبك) جواز قطع القراءة على القارئ إذا حدث على المقرئ عذر أو شغل بالٍ؛ لأن القراءة على نشاط المقرئ أولى لتدبر معاني القرآن، ويحتمل أن يكون أمره بقطع القراءة تنبيهاً له على الموعظة والاعتبار في قوله تعالى: {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أمَّةٍ بِشَهِيدٍ}الآية [النساء:41]. ألا ترى أنه ◙ بكى عندها، وبكاؤه إشارة منه إلى معنى الوعظ؛ لأنه مثل لنفسه أهوال يوم القيامة وشدة الحال الداعية له إلى شهادته لأمته بتصديقه والإيمان به، وسؤاله الشفاعة لهم ليريحهم من طول الموقف وأهواله، وهذا أمر يحق له طول البكاء والحزن.