مجمع البحرين وجواهر الحبرين

باب نزول السكينة والملائكة عند قراءة القرآن

          ░15▒ باب نزول السكينة والملائكة عند قراءة القرآن
          وقال الليث: حدثني يزيد بن الهاد الحديث المتقدم، وتقدم قوله ◙: ((السكينة تنزلت للقرآن)) فلأجل هذا والله أعلم بوب (خ) في هذا الباب: نزول السكينة والملائكة عند قراءة القرآن. وفهم (خ) تلازمهما كما نبه عليه ابن المنير. وفهم من الظلة أنها السكينة؛ ولذلك ساقها في الترجمة.
          وابن بطال فإنه قال: في هذا الحديث أن أسيد بن حضير رأى مثل البالة فيها أمثال المصابيح، وقال ◙: ((تلك الملائكة تنزلت للقرآن)) وقال ◙ في حديث البراء في سورة الكهف: تلك السكينة تنزلت للقرآن فمرة أخبر عن نزول السكينة ومرة أخبر عن نزول الملائكة، فدل على أن السكينة كانت في تلك الظلة، وأنها تتنزل أبداً مع الملائكة، وهذا طبق ترجمة (خ).
          وفي الحديث أن الملائكة تحب أن تسمع القرآن من بني آدم لا سيما قراءة المحسنين منهم، وكان أسيد بن حضير حسن الصوت به. ودل قوله لأسيد: ((لو قرأت لأصبحت ينظر الناس إليها لا تتوارى منهم)) على حرص الملائكة على سماع كتاب الله من بني آدم.
          وقد جاء في الحديث أن البيت الذي يقرأ فيه القرآن يُضيء لأهل السماء كما يضيء النجم لأهل الأرض وتحضرُه الملائكة. هذا كله ترغيب في حفظ القرآن وقيام الليل به، وتحسين قراءته.
          وفيه جواز رؤية بني آدم الملائكة إذا تصور هذا في صورة يمكن الآدميين رؤيتها كما جرى يوم بدر وغيره، وكما كان جبريل يظهر في صورة رجل فيكلمه، وكثيراً ما / كان يأتيه في صورة دحية الكلبي، وهو للمؤمنين رحمة وللكفار عذاب، وتقدم تفسير السكينة في الكهف.
          قوله: (لو قرأت لأصبحت ينظر الناس إليها لا تتوارى منهم) هو حجة لمن قال: إن السكينة روح أو شيء فيه روح؛ لأنه لا يصح حب استماع القرآن إلا لمن يعقل.