مجمع البحرين وجواهر الحبرين

باب القراء من أصحاب النبي

          ░8▒ باب القراء من أصحاب النبي صلعم
          فيه أحاديث:
          1- حديث مسروق: ذكر عبد الله بن عمر عبد الله بن مسعود فقال: لا أزال أحبه، سمعت النبي صلعم يقول: ((خذوا القرآن من أربعة)) الحديث.
          2- حديث شقيق بن سلمة قال: خطبنا عبد الله فقال: والله... الحديث.
          3- حديث علقمة قال: كنا بحمص فقرأ ابن مسعود سورة يوسف، الحديث.
          4- حديث مسروق قال: قال عبد الله: والذي لا إله غيره ما أنزلت سورة من كتاب الله إلا أنا أعلم أين نزلت... الحديث.
          5- حديث قتادة: سألت أنس بن مالك: من جمع القرآن على عهد رسول الله صلعم؟ الحديث.
          تابعه الفضل هو ابن موسى الشيباني، عن حسين بن واقد، عن ثمامة، عن أنس.
          6- حديث ابن عباس قال: قال عمر: علي أقضانا، وأبي أقرؤنا، وإنا لندع من لحن أبي، الحديث.
          والأمر بالأخذ عن هؤلاء الأربعة للتأكيد، لا أن غيرهم لا يؤخذ عنهم.
          وزيادة أبي الدرداء قال الداودي: لا أراه محفوظاً. وقال الإسماعيلي بعد أن ذكر: هذان الحديثان مختلفان، ولا يجوز أن يجمعا في ((الصحيح)) على تباينهما أعني ذكر أبي وذكر أبي الدرداء وإنما الصحيح أحدهما.
          وابن مسعود لم يحفظ جميعه في حياته ◙؛ لكنه كان يجيد ما يحفظه، وذلك أنه قال: أخذت من في رسول الله صلعم بضعاً وسبعين سُورة.
          وفهم بعضهم أن هؤلاء الأربعة الذين جمعوا القرآن كله في عهد رسول الله، وليس كذلك، فقد جمعه الخلفاء الأربعة كما ذكره ابن عبد البر، وأبو عمرو الداني؛ قال أبو عمرو: جمعه أيضاً على عهده عبد الله بن عمرو بن العاص. وثبت أنه سأل النبي صلعم: في كم يقرأ القرآن؟ / فقال: ((في شهر)) فقال: إني أطيق أكثر من ذلك.. الحديث.
          قلت: وجماعات أخر: عبادة بن الصامت، وأبو أيوب خالد بن زيد. ذكره ابن عساكر عن محمد بن كعب القرظي، وذكر القاضي أبو بكر أنه أثر عن عبادة، وعن عبد الله بن عمرو بن العاصي، وابن عباس وأبو موسى الأشعري ذكره أبو عمرو الداني، ومجمع بن حارثة ذكره ابن إسحاق.
          وقيس بن أبي صعصعة عمرو بن زيد الأنصاري البدري، ذكره أبو عبيد سلام من حديث ابن لهيعة، عن حبان بن واسع، عن أبيه، عن قيس بن أبي صعصعة أنه قال لرسول الله صلعم: في كم أقرأ القرآن؟ قال: ((في خمس عشرة)). الحديث.
          وغيرهم بنحو تسعة عشر، وتميم الداري كما سيأتي.
          واختلف في عثمان وتميم الداري وأبي الدرداء، وأما رواية أنس السالفة فلا بد من تأويلها، فإنه قد جمع تلاوته وأحصاه حفظاً أعلام الصحابة ممن لا يحصى كثرة.
          فالجواب: أنه يريد من الأنصار خاصة دون قريش وغيرهم، أو يريد جمعه بجميع وجوهه ولغاته وحروفه وقراءاته التي أنزلها الرب تعالى، وأذن للأمة فيه، وحصرها في القراءة بما شاءت منها، أو يريد: اشتهر أو لم يشتهر بجمع متفرقة، وحفظ ما كان ينزل وقتاً دون وقت إلى انقضاء نزوله وقال جمعا، ويريد: الأخذ من في رسول الله صلعم تلقيناً أو أخذاً بدون واسطة، أو يريد أن هؤلاء ظهروا به وانتصبوا لتعليمه وتلقينه، أو يريد جمعه في صحف أو مصحف. ذكرها أجمع أبو عمرو الداني.
          ويحتمل كما قال ابن العربي أنه لم يجمع ما نسخ منه وزيد رسمه بعد تلاوته مع ما ثبت رسمه وبقي فرض حفظه وتلاوته إلا هؤلاء الأربعة، ويبعد أن يكون معنى: جمع القرآن: سمع له وأطاع وعمل بموجبه، وذكر المازري أنه يحتمل أن يراد أنه لم يذكره أحد عن نفسه سوى هؤلاء؛ لأن من الحملة سواهم كان يتوقع نزول القرآن ما دام رسول الله حيًّا، فقد لا يستجيز الظن بأنه أكمله، واستجازه هؤلاء، ومرادهم أنه أكملوا الحاصل منه، أو يحتمل أن يكون من سواهم لم ينطق بإكماله خوفاً من الرياء واحتياطاً على الثبات، وهؤلاء الأربعة أظهروه لأمنهم على أنفسهم، أو لرأي اقتضاه ذلك عندهم، وكيف يعرف النَّقَلة أنه لم يكمله إلا أربعة، وكيف يتصور الإحاطة بهذا، والصحابة متفرقون في البلاد، وهذا لا يتصور حتى يلقى الناقل كل رجل منهم فيخبره عن نفسه بأنه لم يكمل القرآن، وهو بعيد تصوره عادة، وكيف وقد نقل الرواة إكمال بعض النساء لقراءته؟!
          وقد اشتهر حديث عائشة، وقولها: كنت جارية حديثة السن لا أقرأ كثيراً من القرآن وكيف يظن بأبي بكر وعمر أنهما لم يحفظاه؟! على أن الذي رواه ليس بنص جلي، وذلك أن قصاراه أن أنساً قال: جمع القرآن على عهده أربعة. فقد يكون المراد: إني لا أعلم سوى هؤلاء، ولا يلزمه أن يعلم كل الحافظين له.
          وحديث أنس حاول بعض الملحدة به القدح في الثقة بنقل القرآن، ولا منزوح لها في ذلك؛ لأنا لو سلمنا أن الأمر كما ظنوه، وأنه لم يكمله سوى أربعة، فإنه قد حفظ جميع أجزائه مئين لا يحصون، وما من شرط كونه متواتراً أن يحفظ الكل الكل؛ بل الشيء الكثير إذا روى جزءاً منه خلق كثير علم ضرورة، وجعل متواتراً، والجواب عن سؤال من سأل عن وجه الحديث من الإسلاميين، فإنه يقال له: علم ضرورة من تدين الصحابة ومبادرتهم إلى الطاعات والقرب التي هي أدنى منزلة من حفظ القرآن لا يعلم منه أنه محال مع كثرتهم لا يحفظ منه إلا أربعة، وأيضا فنحن نعلم أن القرآن كان عندهم من البلاغة بحيث هو، وكان / الكفار في الجاهلية يعجبون من بلاغته، ونحن نعلم من عادة العرب شدة حرصها على حفظ الكلام البليغ، ولم يكن لها شغل ولا صنعة سوى ذلك، فلو لم يكن للصحابة باعث على حفظ القرآن سوى هذا لكان من أدل الدلائل على أن الخبر ليس على ظاهره.
          وقد ذكر القاضي أبو بكر وغيره جماعة من الصحابة حفظوه، منهم الخلفاء الأربعة، وقد تواترت الأخبار بأنه قتل يوم اليمامة سبعون ممن جمع القرآن وكانت اليمامة قريبة من وفاة رسول الله، فالذين بقوا في ذلك الجيش لم يقتلوا أكثر من أولئك أضعافاً، وإذا كان ذلك في جيش واحد، فانظر كم بقي في دين الإسلام إذ ذاك في عساكر أخر ممن جمع القرآن، فيظهر من هذا أن الذين جمعوا القرآن على عهده لا يحصيهم أحد، ولا يضبطهم عدد، قال القرطبي: إنما فشا هذا ممن يظن أن هذا الحديث دليل خطاب فإنه لا يتم له ذلك حتى يقول تخصيص هؤلاء بالذكر يدل على أنه لم يجمعه أحد غيرهم ممن ينفي القول بدليل الخطاب سلم من ذلك والذي يقول به فأكثرهم يقول أن لا دليل خطاب لها باتفاق أئمة الأصول، ولئن سلمنا أن لا تقع الأعداد دليل خطاب بدليل الخطاب إنما يصار إليه إذا لم يعارضه منطوق فإنه أضعف وجوه الأداء عند القائلين به، وهنا أمران أولى منه من الاتفاق الفعل الصحيح وما يعلم من ضرورة العادة.
          فإن قلت: إذا لم يكن له دليل خطاب فلأي شيء خص هؤلاء الأربعة بالتزكية دون غيرهم؟
          فالجواب: أنه يحتمل أن يكون ذلك لتعلق غرض المتكلم بهم دون غيرهم، أو بقول: إن هؤلاء في ذهنه دون غيرهم.
          فصل
          قوله: (فوجد منه ريح الخمر، فضربه الحد) هو حجة لمالك وأصحابه وجماعة من أهل الحجاز أن الحد عندهم يجب بالرائحة، إذا شهد بها عدلان عند الحاكم وهو خلاف قول الشافعي وأبي حنيفة في آخرين لأنه لا حد بالرائحة وتأولوا هذا على أنه اعترف، وضرب ابن مسعود له؛ لأنه كان نائباً عن الإمام إذ ذاك.
          قوله للرجل: (تكذب بكتاب الله) يعني: تنكر بعضه جاهلاً، وليس المراد التكذيب الحقيقي، فإنه لو فعل ذلك كفر؛ لإجماعهم على أن من جحد حرفاً مجمعاً عليه من القرآن كفر، تجري عليه أحكام المرتدين.
          وحديث شقيق عن عبد الله يرويه (خ) عن عمر بن حفص، ثنا أبي، وهو الصواب، قال الجياني: وفي نسخة أبي محمد عن أبي أحمد: ثنا حفص بن عمر، ثنا أبي. وإنما هو عمر بن حفص.
          وقول عمر: ((إنا لندع من لحنه)) أي: من لغته. قاله الهروي: وكان قال وكان أبي يقرأ: ▬التَّابُوه↨. وإنما ذلك لما علموا من نسخ ما تركوه. واللحن بسكون الحاء: اللغة، وبالفتح: الفطنة، واللحن: إزالة الإعراب عن وجهه، بالإسكان.
          وأبو زيد السالف هو قيس بن السكن بن قيس بن زعوراء بن حرام بن جندب بن عامر بن غنم بن عدي بن النجار، شهد بدراً، وقتل يوم جسر أبي عبيد، ولا عقب له.
          وزيد بن ثابت هو ابن الضحاك بن زيد بن لوزان بن عمرو بن عبد بن عوف بن غنم بن مالك بن النجار.
          وأبي بن كعب هو ابن قيس بن عبيد بن / زيد بن معاوية أخي عدي ابني عمرو بن مالك بن النجار. ومعاذ سلف في مناقبه.
          وأبو الدرداء: عويمر بن زيد بن قيس بن عبسة بن أمية بن مالك بن عامر، أخي بني عدي، أخي ثعلبة، ابني كعب بن الخزرج بن الحارث بن الخزرج.
          فصل
          قراءة ابن كثير ونافع وأبي عمرو راجعة إلى أبي، وقراءة ابن عامر إلى عثمان، وقراءة عاصم وحمزة والكسائي إلى عثمان وعلي وابن مسعود.
          قال والدي ⌂:
          قوله: (ابن السباق) هو عبيد مصغراً، و(الكتف والدواة) شك الراوي في تقديم الدواة على الكتف أو تأخيرها، و(ضرير البصر) أي: أعمى فلهذا سمي بالمكتوم(1).
          و(مكانها) أي: في مكان الآية أي: في الحال ووقع في الجامع لفظ غير أولي الضرر بعد لفظ سبيل الله وفي القرآن هو بعد لفظ المؤمنين.
          قوله: (سعيد بن عفير) مصغر العفر بالمهملة والفاء والراء، و(عقيل) بضم المهملة وفتح القاف، و(سبعة أحرف) أي: سبع لغات قريش وثقيف ونحوهما، ومر تحقيقه في كتاب الخصومات، و(المسور) بكسر الميم وفتح الواو (ابن مخرمة) بفتح الميم والراء وإسكان المعجمة بينهما، و(عبد الرحمن بن عبد) ضد الحر القاري بالقاف والراء الخفيفة وياء النسبة.
          و(هشام بن حكيم) بفتح المهملة وكسر الكاف ابن حزام بكسر المهملة وبالزاي، و(أساوره) بالمهملة أي: أواثبه، و(لببته) أي: جمعت ثيابه عند لبته أي: صدره ثم جررته، وسبق شرحه في الخصومات.
          قوله: (يوسف بن ماهك) بفتح الهاء معرب ومعناه القمير تصغير القمر والأصح فيه الانصراف.
          قوله: (أي الكفن) يحتمل أن يكون سؤالاً عن الكم يعني: لفافة أو أكثر وعن الكيف يعني أبيض أو غيره وناعماً أو خشناً وعن النوع أنه قطن أو كتان مثلاً وأما قولهما: (فما يضرك) فمعناه أنك إذا مت سقط عنك التكليف وبطل حسك بالنعومة والخشونة فلا يضرك أي كفن كان منها.
          قوله: (أيه) بالنصب وقيل بالضم أي قبل قراءة السورة الأخرى، و(المفصل) قال الخطابي: سمي مفصلاً لكثرة ما يقع فيها من فصول التسمية بين السور وقد اختلفوا في أوله فقال بعضهم: هو سورة ق وبعضهم سورة محمد صلعم، النووي: سمي به لقصر سوره وقرب انفصالهن بعضهن من بعض.
          قوله: (تاب) أي: رجع. فإن قلت: أول سورة نزلت إما المدثر وإما اقرأ قلت: ذكر الجنة والنار في المدثر صريح قال تعالى: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ} [المدثر:27] وقال: {فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءلُونَ} [المدثر:40] وأما في سورة اقرأ فيلزم ذكرهما حيث قال {إِن كَذَّبَ وَتَوَلَّى} [العلق:13] وقال: {سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ} [العلق:18] وقال: {إِن كَانَ عَلَى الْهُدَى} [العلق:11] و(أملت) من الإملاء وفي بعضها من الإملال ومما يعني قوله عبد الرحمن بن يزيد من الزيادة النخعي بالنون والمعجمة والمهملة.
          و(في بني إسرائيل) أي: في مثل هذه السورة وفي بعضها بدون كلمة في، فالقياس أن يقول بنو إسرائيل فلعله باعتبار حذف المضاف وإبقاء المضاف إليه على حاله؛ أي: سورة بني إسرائيل أو على سبيل الحكاية عما في القرآن قال تعالى: {وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ} [الإسراء:2] و{الْعَتِيقِ} [الحج:29] ما بلغ الغاية في الجودة يريد بتفضيل هذه السورة لما يتضمن مفتتح كل منهما أمراً غريباً، والأولية باعتبار حفظها أو نزولها و(التلاد) بكسر الفوقانية ما كان قديماً ويحتمل أن يكون العتاق بمعناه فيكون الثاني تأكيداً للأول ومر في سورة بني إسرائيل.
          قوله: (أبو الوليد) بفتح الواو هشام الطيالسي، و(أبو حمزة) بالمهملة والزاي محمد السكري، و(شقيق) بفتح المعجمة وكسر القاف أبو وائل، و(النظائر) أي: السور المتقاربة في الطول والقصر، و(علقمة) بفتح المهملة والقاف وإسكان اللام، ابن قيس النخعي وتأليف ابن مسعود مخالف للتأليف المشهور / إذ ليس شيء من الحواميم في المفصل على المشهور وجاء في سنن أبي داود بيان هذه العشرين الرحمن والنجم في ركعة واقتربت والحاقة في سورة والطور والذاريات ثم الواقعة ونون ثم سأل سائل والنازعات ثم ويل للمطففين وعبس ثم المدثر والمزمل ثم هل أتى ولا أقسم وكذا عم والمرسلات وكذا الدخان والتكوير مر في كتاب الصلاة في باب الجمع بين السورتين.
          قوله: ({وَإِنَّهُ}) [الشعراء:192] في بعضها، و(عارضني) أي: دارسني، و(يحيى بن قزعة) بالقاف والزاي والمهملة، و(أجود ما يكون) أي: أجود أكوانه كائن في رمضان سبق في أول الجامع.
          قوله: (خالد بن يزيد) من الزيادة النخعي، و(أبو بكر) هو ابن عياش بفتح المهملة وشدة التحتانية الأسدي المقري، و(أبو حصين) بفتح المهملة الأولى وكسر الثانية عثمان بن عاصم، و(أبو صالح) هو ذكوان وهو مسلسل بالكنى إلا الرجل الأول.
          قوله: (حفص) بالمهملتين، و(عمرو) بالواو هو أبو إسحاق السبيعي، و(إبراهيم) هو النخعي، و(عبد الله) أي: ابن مسعود، و(سالم) بن معقل بفتح الميم وكسر القاف مولى أبي حذيفة. فإن قلت: ما وجه تخصيص هذه الأربعة؟ قلت: لأنهم تفرغوا للأخذ منه ولوجوه أخر تقدمت في مناقب سالم.
          قوله: (عمرو بن حفص) بالمهملتين، و(شقيق) بفتح المعجمة وكسر القاف الأولى، ابن سلمة بالمفتوحتين أبو وائل، و(البضع) بكسر الموحدة ما بين الثلاث إلى التسع.
          قوله: (ما أنا بخيرهم) إذ العشرة المبشرة أفضل منه بالاتفاق وفيه أن زيادة العلم لا توجب الأفضلية لأن كثرة الثواب لها أسباب أخر من التقوى والإخلاص وإعلاء كلمة الله وغيرها مع أن الأعلمية بكتاب الله لا تستلزم الأعلمية مطلقاً لاحتمال أن يكون غيره أعلم بالسُّنة، ولفظ من صريح بأن جماعة كانوا مثله.
          قوله: (الحلق) بفتح المهملة واللام وبكسر المهملة، و(رادا) أي: عالماً لأن رد الأقوال لا يكون إلا للعلماء، وغرضه أن أحداً لا يرد هذا الكلام عليه بل سلموا إليه، وفيه جواز ذكر الانسان نفسه بالفضيلة للحاجة، وأما النهي عن التزكية فإنما هو لمن مدحها للفخر والإعجاب.
          قوله: (محمد بن كثير) ضد القليل، و(حمص) بكسر المهملة الأولى وإسكان الميم، مدينة بالشام غير منصرف على الأصح، و(ضربه الحد) أي: ضربه ابن مسعود حد الشرب. النووي: هذا محمول على أنه كان له ولاية إقامة الحدود لكونه نائباً للإمام عموماً أو خصوصاً، وعلى أن الرجل اعترف بشربها بلا عذر وإلا فلا يحد بمجرد ريحها وعلى أن التكذيب كان بإنكار بعضه جاهلاً إذ لو كذب حقيقة لكفر وقد أجمعوا على أن من جحد حرفاً مجمعاً عليه من القرآن فهو كافر.
          قوله: (مسلم) بلفظ فاعل الإسلام، واعلم أن مسلماً البطين بفتح الموحدة وكسر المهملة وبالنون، ومسلما بن صُبيح مصغر الصبح أبو الضحى كليهما يرويان عن مسروق، والأعمش يروي عن كليهما فهذا محتمل لهما لكن لا يلزم القدح بهذا الالتباس في الإسناد؛ لأن كلا منهما بشرط (خ)، وقال: (تبلغه الإبل) احترازاً من نحو جبريل ◙ فإنه في السماء.
          قوله: (حفص) بالمهملتين، و(همام) هو ابن يحيى، و(أبو زيد) اسمه سعد بن عبيد الأوسي وقيل: قيس بن السكن بالمهملة والكاف المفتوحتين الخزرجي وقيل: ثابت بن زيد الأشهلي.
          قوله: (الفضل) بسكون المعجمة قيل لعله ابن موسى الشيباني بكسر المهملة وسكون التحتانية وبالنونين، و(حسين بن واقد) بالقاف والمهملة القاضي بمرو مات سنة تسع وخمسين ومائة، و(ثمامة) بضم المثلثة وخفة الميم، ابن عبد الله بن / أنس، و(مُعلى) بلفظ مفعول التعلية، و(عبد الله بن المثنى) ضد المفرد، و(ثابت) ضد الزائل البُناني بضم الموحدة وخفة النون الأولى، و(أبو الدرداء) اسمه عويمر الأنصاري. فإن قلت: شرط كونه قرآناً التواتر ولا بد فيه من خبر جماعة أحالت العادة تواطئهم على الكذب؟ قلت: ضابط التواتر العلم به وقد يحصل بقول هؤلاء الأربعة وأيضاً ليس من شرطه أن ينقل جميعهم جميعه بل لو حفظ كل جزء منه عدد التواتر لصارت الجملة متواترة.
          فإن قلت: كيف نفى عن الغير ومعلوم أن العلماء الراشدين وغيرهم لم يكونوا يهملون حفظه، وقيل إن يوم اليمامة قتل سبعون ممن جمع القرآن وكانت اليمامة قريبة من وفاة رسول الله صلعم؟ قلت: هذا قاله بناء على ظنه ولا يلزم من عدم علمه بعلمهم عدم علمهم بذلك أو المراد بالجامعين الذين هم من الأنصار أو بالجمع الجمع في العُسب واللخاف ونحوها أو جمع وجوهه واللغات وأنواع القراءات.
          فإن قلت: ذكر في الطريق الأول أبي بن كعب من الأربعة وفي هذا الطريق لم يذكره وذكر بَدله أبا الدرداء والراوي فيهما أنس، وهذا أشكل الأسولة قلت: أما الأول فلا حصر فيه فلا ينفي جمع أبي الدرداء، وأما الثاني فلعل اعتقاد السامع كان أن هؤلاء الأربعة لم يجمعوا أو أبو الدرداء لم يكن من الجامعين فقال ردًّا عليه لم يجمعوا إلا هذه الأربعة ادعاء ومبالغة فلا يلزم منه النفي عن غيره حقيقة، إذ الحصر ليس بالنسبة إلى نفس الأمر بل بالنسبة إلى اعتقاده.
          قوله: (صدقة) أخت الزكاة (ابن الفضل) بسكون المعجمة، و(يحيى) أي: القطان، و(سفيان) أي: الثوري، و(حبيب) ضد العدو، ابن أبي ثابت الأسدي.
          قوله: (ليدع) أي: ليترك، و(لحن القول) فحواه ومعناه، والمراد به هاهنا القول بقرينة الحديث السابق في تفسير البقرة في قوله تعالى: {مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ} [البقرة:106] وكان أبي لا يسلم نسخ بعض القرآن وقال: لا أترك القرآن الذي أخذته من فم رسول الله لشيء أي لناسخ، فاستدل عمر بالآية الدالة على النسخ وقد مر تحقيقه ثمة.
          الزركشي:
          (ابن السباق) بسين مهملة وبموحدة مشددة.
          (عبد الرحمن بن عبد القاري) بتشديد الياء، منسوب إلى القارة، قبيلة.
          (فكدت أساوره) أي: أواثبه من الغضب.
          (فلببته بردائه) أي: جررته، بتشديد الباء الأولى، وعليه اقتصر النووي، وحكى المنذري التخفيف، وقال: إنه أعرف، مأخوذ من اللبة بفتح اللام، ومعناه: جمعت الرداء في موضع لبته؛ أي: في عنقه وأمسكته، ووقع في (د) فلببته بردائي. ويمكن الجمع بأن التلبيب وقع بالرداءين جميعاً.
          (يضرك) بضم الضاد، ويروى: (يضيرك).
          (ثاب) بمثلثة: رجع.
          (فأمليت عليه) بإسكان الميم وتشديدها.
          (فجلست في الحلق) بفتح الحاء وكسرها.
          (كنا بحمص) فحرر بالفتح غير منصرف.
          (لم يجمع القرآن غير أربعة أبو الدرداء) كذا ذكره بدل أبي، وهذا مما انفرد به (خ) والصواب أبي، وقد اتفقا عليه.
          (وإنا لندع من لحَن أبي) بفتح الحاء يريد لغته الفصيحة، من قوله: ((لعل بعضكم ألحن بحجته)) أي: أفصح، انتهى كلام الزركشي.
          أقول:
          قوله: (لم يجمع القرآن غير أربعة: أبو الدرداء ومعاذ وزيد بن ثابت وأبو زيد) هؤلاء كلهم مشهورون إلا أبا زيد فإنه غير معروف إلا في هذا الحديث، واختلف في اسمه فقال الواقدي: اسمه قيس بن السكن بن قيس بن زعور ابن حزام بن جندب، وقال ابن نمير: اسمه سعد بن عبيد بن النعمان بن قيس بن عمرو بن زيد بن أمية من الأوس، وقيل: هما اثنان جمعا القرآن حكا ابن عبد البر وهو بعيد، وقول الواقدي أصح لأنه خزرجي؛ لأن أنساً قال ونحن ورثناه وهم من / الخزرج وفي بعض الألفاظ وكان أحد عمومتي.


[1] في هامش المخطوط: ((فائدة غريبة وذلك أن كلام والدي ⌂ يشعر بأنه ولد أعمى بقوله فلهذا سمي بالمكتوم،..... وعلى ذلك فلا)).