مجمع البحرين وجواهر الحبرين

فضل: {قل هو الله أحد}

          ░13▒ فضل {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ} [الإخلاص:1]
          فيه عمرة، عن عائشة، عن النبي صلعم.
          ثم ساق عن أبي سعيد الخدري مرفوعاً: ((إنها لتعدل ثلث القرآن)). قاله حين سمع رجلاً يقرأها ويرددها.
          وفي رواية: ((أيعجز أحدكم أن يقرأ بثلث القرآن في ليلة)). الحديث.
          قوله: (وزاد أبو معمر) هو شيخه عبد الله بن عمرو المقعدي. كذا قاله الدمياطي، ووقع لشيخنا أنه إسماعيل بن إبراهيم بن معمر بن الحسن الهروي البغدادي، فليحرر هذا.
          وأخرجه الحاكم في ((مستدركه)) / من حديث أبي هريرة مرفوعاً وقال: صحيح الإسناد: ((لا ينامن أحدكم حتى يقرأ ثلث القرآن)) قالوا: وكيف يستطيع أحدنا أن يقرأ ثلث القرآن؟ قال: ((أفلا تستطيعون أن تقرأوا {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ}، و{قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} [الفلق:1]، و{قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ}؟)) [الناس:1].
          وعند (م): ((ألا وإنها _يعني: الإخلاص_ تعدل ثلث القرآن)).
          وهذا المتن: ((إنها تعدل ثلث القرآن)) رواه مع أبي سعيد جماعة من الصحابة: أبي بن كعب وعمر وأم كلثوم بنت عقبة وابن مسعود وأبو الدرداء وابن عمر وأبو أيوب وأبو مسعود الأنصاري، وسماك عن النعمان بن بشير، وأبان عن أنس.
          وفي كونها ثلث القرآن معان:
          1- أنه مشتمل على ثلاثة أنحاء: قصص وأحكام وصفات الله تعالى. وهذه السورة متمحضة للصفات، فهي ثلث وجزء من ثلاثة أجزاء، ذكره المازري وغيره.
          2- أن معناه ثواب قراءتها يضاعف بقدر ثواب ثلث القرآن بغير تضعيف.
          3- أن القرآن لا يتجاوز ثلاثة أقسام: إرشاد إلى معرفة الرب أو معرفة أسمائه وصفاته، أو معرفة أفعاله وسننه في عباده، فلما اشتملت هذه السورة على أحد هذه الأقسام الثلاثة وهي التقديس وازنها الشارع بثلث القرآن.
          وعبارة بعضهم: أنه ثلاثة أجزاء: قصص وعبر وأمثال، والثاني: الأمر والنهي والثواب والعقاب، والثالث: التوحيد والإخلاص.
          4- أن من عمل بما تضمنته من الإقرار بالتوحيد والإذعان للخالق كمن قرأ ثلث القرآن.
          5- أنه قاله لشخص معين قصده؛ لأنه رددها فحصل له من تَردَادها وتكرارها قدر تلاوة الثلث، قاله أبو عمر. قال أيضاً: ونقول بما ثبت عن رسول الله صلعم ولا نعده ونكل ما جهلناه من معناه، فنرده إليه ولا ندري لم تعدل الثلث؟
          وقال القابسي: لعل الرجل الذي بات يرددها كانت منتهى حفظه، فجاء يُقلل عمله فقال له الشارع: ((إنها لتعدل ثلث القرآن)) ترغيباً له في عمل الخير وإن قل.
          وفيه: أنه يجازي عبده على اليسير بأفضل مما يجازي على الكثير.
          6- قال ابن راهويه: ليس معناه أنه لو قرأها أكثر من مائة مرة، وإنما معناه أن الله جعل لكلامه فضلاً على سائر الكلام، ثم فضل بعض كلامه على بعض بأن جعل لبعضه ثواباً أضعاف ما جعل لبعض، تحريضاً منه على تعلمه وكثرة قراءته.
          قال أبو عمر: من لم يجب في هذا أخلص ممن أجاب فيه. وقال القرطبي: هذه السورة اشتملت على اسمين من أسمائه يتضمنان جميع أوصاف كماله لم توجدا في غيرها من جميع السور، وهما الأحد والصمد، فإنهما يدلان على أحدية الذات المقدسة الموصوفة بجميع أوصاف الكمال، فإن الأحد في أسمائه مشعر بوجوده الخاص الذي لا يشاركه فيه غيره، وأما الصمد فهو المتضمن لجميع أوصاف الكمال؛ لأنه الذي انتهى سؤدده، ولا يصح ذلك تحقيقاً إلا لمن حاز جميع خصال الكمال حقيقة، وذلك / إلا فيه؛ فقد ظهر لهذين الاسمين من شمول الدلالة على الله وصفاته ما ليس لغيرهما من الأسماء، وظهرت خصوصية هذه السورة بأنها ثلث القرآن العظيم.
          وقال الأصيلي: معناه تعدل لقارئها؛ أي: ثوابها يعدل ثواب ثلث القرآن ليس فيه: {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ} [الإخلاص:1] وأما أن نفضل كلام ربنا بعضه على بعض فلا؛ لأنه كله صفة له وهذا ماش على أحد المذهبين أنه لا تفضيل فيه. ونقله المهلب عن الأشعري وأبي بكر بن الطيب والداودي وجماعة علماء السنة.
          قوله: (أيعجز أحدكم) إلى آخره استنبط منه الداودي التكليف بما لا يشق وتأخير البيان إلى وقت الحاجة.
          وفيه أيضاً أن عدم الترتيب في السور جائز؛ لأنه إذا قرأ {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ} فالترتيب أن يقرأ ما بعدها فإذا أعادها فكأنه قرأ ما فوقها.
          وفي حديث أبي الدرداء: ((أيعجز أحدكم أن يقرأ كل ليلة ثلث القرآن؟)) قالوا: نحن أعجز قال: ((إن الله جزأ القرآن فجعل {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ} جزءاً من أجزاء القرآن)) وهو شاهد لما أسلفناه.
          والرجل الذي تقالها هو قتادة بن النعمان الظفري وهو أخو أبي سعيد الخدري لأمه، فإنه قتادة بن النعمان بن زيد بن عامر بن سواد بن ظفر، وهو كعب بن الخزرج بن عمرو [بن] النبيت بن مالك بن الأوس أخي الخزرج ابني حارثة أبو عمرو أو أبو عبد الله، وأم أبي سعيد سعد والفريعة ابني مالك بن الشهيد، واسمه: سنان بن ثعلبة [بن] عبيد بن أبجر، وهو خُدرة بن عوف بن الحارث بن الخزرج أخي الأوس، أنيسة بنت عمرو بن قيس بن مالك بن عدي بن عامر بن غنم بن عدي بن النجار.
          شهد العقبة وبدراً وأحداً، وسائر المشاهد، وقدم المدينة بـ{كهيعص} [مريم:1] بعد قدوم رافع بن مالك بسورة يوسف، فكان يكثر أن يقرأها في الدار وكانوا يستهزءون به، وكان أهل المجلس إذا رأوه طالعاً قالوا: هذا زكريا قد جاءكم لكثرة ما فيها من زكريا. وأصيبت عينه يوم أحد، وكان حديث عهد بعرس، فأخذها رسول الله صلعم بيده فردها في موضعها ثم غمزها براحته ثم قال: ((اللهم اكسه جمالاً)) وكانت سالت على خده وأرادوا قطعها، فكانت أحسن عينيه وأحدُّهما نظراً.
          وعمهُ رفاعة بن زيد بن عامر بن سواد، هو الذي سرق بنو أبيرد درعه وطعامه ونزل فيهم: {وَلاَ تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنفُسَهُمْ} الآيات [النساء:107].
          مات قتادة سنة ثلاث وعشرين وصلى عليه عمر، ونزل في قبره أخوه أبو سعيد ومحمد بن مسلمة والحارث بن خزيمة.
          وشهد قتادة العشاء مع رسول الله صلعم في ليلة مظلمة وبرق ومطر، فقال له ◙: ((إذا انصرفت فأتني)) فلما انصرف أعطاه عرجوناً، فقال: ((خذ هذا فسيضيء أمامك عشراً وخلفك عشراً)) وكان مع قتادة راية بني ظفر يوم الفتح، وهو راوي حديث الباب، وهو كان الذي يقرؤها ويتقالها من ولده: عاصم بن عمر بن قتادة المحدث النسابة.
          وراوي الحديث الأول والثاني عن أبي سعيد هو عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصة عنه، وعبد الرحمن هو ابن الحارث بن أبي صعصعة، عمرو بن زيد بن عوف بن مبذول بن عمرو بن غنم بن مازن بن النجار. قتل أبو صعصعة في الجاهلية وكان سيد بني مازن وإليه ينسب ابن أبي صعصعة، شهد العقبة وبدراً، وكان على الساقة يومئذ، وابناه أبو كلاب ابن سهل بن أبي صعصعة / قتل يوم اليمامة.
          وراوي حديثه الثالث عنه إبراهيم. والضحاك المشرقي بكسر الميم وفتح الراء مسروق بن زيد بن جشم بن حاشد بن خيوان بن نوف بن همدان، اتفقا عليه، كذا ساقه الرشاطي، وزعم ابن أبي حاتم مشرق موضع باليم، وما قيدته من كونه بكسر الميم وفتح الراء كذا قيده عياض وغيره، وعكسه ابن ماكولا، وقال العَسكري: إن من فتح الميم صحف.
          وأما ابن السمعاني فذكر الضحاك هذا في ترجمتين كسر الميم، وفتح الراء وفي الآخر فاء وفتح الميم وكسر الراء وفي الآخر قاف، ورده عليه ابن الأثير؛ فقال: لو ركب من الترجمتين ترجمة واحدة كسر أولها وجعل في آخرها قافاً لأصاب.
          قال والدي ⌂:
          قوله: (عمرو بن خالد) الجزري بالجيم والزاي والراء، و(زهير) مصغر الزهر، و(حصان) بكسر المهملة الأولى، الفحل الكريم من الخيل، و(الشطن) بفتح المهملة والمعجمة قبلها الحبل، وإنما كان الربط بشطنين بينهما على جموحه واستصعابه، و(السكينة) هي شيء من مخلوقات الله تعالى فيه الرحمة والوقار ومعه الملائكة، و(بالقرآن) أي: بسبب سماع القرآن. فإن قلت: تقدم أنه كان في سورة الفتح؟ قلت: لم يذكر ثمة أنه كان يقرأ سورة الفتح بل قال يقرأ مطلقاً وإنما ذكره ثمة لمناسبة ذكر السكينة فيها مع أنه لا منافاة في قراءته سورة الكهف والفتح كليهما في تلك الليلة.
          قوله: (ثكلتك أمك) دعاء من عمر على نفسه (ونزرت) بفتح الزاي مخففة ومشددة؛ أي: ألححت عليه وبالغت؛ أي في شأني من جرأتي على رسول الله صلعم وإلحاحي عليه، و(نشبت) أي: مكثت وكانت أحب لما فيها من مغفرته ما تقدم وما تأخر وإتمام النعمة عليه والرضا عن أصحابه تحت الشجرة ونحوه مر في سورة الفتح.
          و(عمرة) بفتح المهملة بنت عبد الرحمن؛ أي: روت عمرة عن عائشة عن النبي صلعم.
          (فضل سورة الإخلاص) ولما لم يكن طريقه بشرط (خ) لم ينقله بعينه فاكتفى بالإخبار عنه إجمالاً، و(عبد الرحمن ابن أبي صعصعة) بفتح الصادين المهملتين وسكون العين المهملة الأولى، و(قتادة) ابن النعمان بضم النون الأنصاري أخو أبي سعيد لأمه.
          قوله: (يرددها) أي: يكررها، و(يتقالها) أي: يعدها قليلة، و(تعدل ثلث القرآن) لأن جميعه إما متعلق بالمبدأ أو بالمعاش أو بالمعاد، وقيل: لأنه على ثلاثة أنحاء قصص وأحكام وصفات الله تعالى وسورة الإخلاص متمحضة للصفات فهي ثلثه(1).
          قوله: (أبو معمر) بفتح الميمين، و(من السحر) أي: في السحر ومن ابتدائية.
          قوله: (الضحاك) ضد: البكاء، ابن شراحيل بفتح المعجمة وفتح الراء وكسر المهملة وباللام، المشرقي بكسر الميم وإسكان المعجمة وفتح الراء وبالقاف، منسوب إلى مشرق بطن من همدان.
          قوله: (الله الواحد الصمد) هو كناية عن سورة الإخلاص إذ فيها ذكر الإلهية والوحدة والصمدية.
          قوله: (بالمعوذات) بكسر الواو يعني: قل هو الله أحد والمعوذتين، و(النفث) إخراج الريح من الفم مع شيء من الريق.
          قوله: (المفضل) بفتح المعجمة المشددة ابن فضالة بفتح الفاء وتخفيف المعجمة مر في التقصير.
          فإن قلت: علم من لفظ يبدأ المبتدأ فما المنتهى؟ قلت: محذوف تقديره ثم ينتهي إلى ما أدبر من جسده.
          قال المظهر[ي] في ((شرح المصابيح)): ظاهر الحديث يدل على أنه نفث في كفه أولاً ثم قرأ وهذا لم يقل به أحد ولا فائدة فيه، ولعله سهو من الراوي، والنفث ينبغي أن يكون بعد التلاوة ليوصل / بركة القرآن إلى بشرة القارئ أو المقروء له، فأجاب الطيبي عنه بأن الطعن فيما صحت روايته لا يجوز وكيف والفاء فيه مثل ما في قوله تعالى: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ} [النحل:98] فالمعنى جمع كفيه ثم عزم على النفث فيه، أو لعل السر في تقديم النفث مخالفة السحر.
          قوله: (يزيد) من الزيادة، ابن عبد الله بن أسامة بن الهادي بحذف الياء تخفيفاً، و(محمد بن إبراهيم) التيمي، و(أسيد) مصغر: الأسد (ابن حضير) مصغر الحضر ضد السفر الأنصاري.
          فإن قلت: تقدم آنفاً أنه كان يقرأ سورة الكهف؟ قلت: لعله قرأهما أو كان ذلك الرجل غير أسيد وهذا هو الظاهر.
          قوله: (مربوطة) وذلك لأن الفرس يقع على الذكر والأنثى ولا يقال للأنثى فرسة، و(سكنت) بالنون، و(يحيى) هو: ابن أسيد وكان في ذلك الوقت قريباً من الفرس (فأشفق) أي: خاف أسيد أن يصيبه(2)، و(لما أخبره) أي: أسيد يحيى وفي بعضها أخره من التأخير.
          و(اقرأ) هو أمر بطلب القراءة في الاستقبال، و(الحض عليها) أي: كان ينبغي أن تستمر على القراءة وتغتنم ما حصل لك من نزول السكينة والملائكة، والدليل على أن المراد طلب دوام القراءة جوابه بأني خفت إن دمت عليها أن تطأ الفرس ولدي.
          و(الظلة) بضم المعجمة، شيء كهيئة الصفة وأول سحابة تظله (وخرجت) بلفظ المتكلم وفي بعضها بلفظ الغائبة، فقيل صوابه: فعرجت بالعين، و(عبد الله بن خباب) بفتح المعجمة وشدة الموحدة الأولى، الأنصاري.
          قوله: (عبد العزيز بن رفيع) مصغر ضد الخفض، و(شداد) بفتح المعجمة وتشديد المهملة الأولى، ابن معقل بفتح الميم وإسكان المهملة وكسر القاف وباللام، و(محمد بن الحنفية) هو: ابن علي بن أبي طالب والحنفية أمه.
          و(الدفتان) بفتح المهملة وشدة الفاء الجانبان والمراد به هاهنا الجلدان يعني: ما ترك إلا القرآن.
          فإن قلت: قد ترك من الحديث ما هو مثل القرآن وأكثر؟ قلت: ما ترك مكتوباً بأمره إلا القرآن.
          فإن قلت: سبق في باب كتابة العلم أنه قيل لعلي هل عندكم كتاب؟ قال: لا إلا كتاب الله أو فهم أو ما في هذه الصحيفة، قلت: لعلها لم تكن مكتوبة بأمر رسُول الله صلعم وقد يجاب بأن بعض الناس كانوا يزعمون أن رسول الله صلعم أوصى إلى علي، فالسؤال هو عن شيء يتعلق بذكر الإمامة فقال: ما ترك شيئاً متعلقاً بذكرها إلا ما بين الدفتين من الآيات التي يتمسك بها في الإمامة.
          الزركشي:
          (أسيد بن حضير) بالتصغير فيهما.
          (وفرسه مربوطة) ويروى: ((مربوط)).
          (فلما اجتره) أي: جره، ويروى: ((أخره)) بالخاء من التأخير.
          (فخرجت حتى لا أراها) كذا لجميعهم، وصوابه: ((فعرجت)) كما في الأحاديث الأخر، قاله القاضي، قلت: وهي رواية (م).
          (حصان) بكسر الحاء، الفرس.
          (بشطنين) بفتحتين؛ أي: بحبلين.
          (فجعلت تدنو وتدنو) كذا للبخاري، وفي رواية (م): ((تدور وتدنو)).
          (ثكلتك) بكسر الكاف.
          (نزرت) بتخفيف الزاي: ألححت عليه، وحكي تشديدها، وقال السفاقسي: قوله ((قال عمر: فحركت بعيري..)) إلى آخره بيَّن أن أسلم عن عمر رواه.
          (فما نشبت) بكسر الشين؛ أي: مكثت (يتقالها) أي: يستقلها، والرجل هو قتادة ابن النعمان أخو أبي سعيد الخدري لأمه، ورواية إسماعيل بن جعفر عن مالك داخلة في رواية الأقران، أو المدبج.
          وإنما جمع (خ) بين إبراهيم والضحاك؛ لأنه عن إبراهيم مرسل، وعن الضحاك مسند، كذا قاله (خ) في بعض النسخ.
          (أيعجز أحدكم) بكسر الجيم في الفصيح. انتهى كلام الزركشي.
          أقول:
          قوله: (تعدل ثلث القرآن) فإن قلت: تلزم من يقرأ / ثلث القرآن ومن يقرأ {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ} [الإخلاص:1] مستويان في الثواب؟ قلت: القارئ ثلث القرآن يضاعف حسناته الحسنة بعشر أمثالها، فيكون كمن قرأ ثلث القرآن عشر مرات، والقارئ {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ} يضاعف حسناته فيثاب ثواب من قرأ ثلث القرآن من غير تضعيف(3) وبهذا يحصل الفرق بين قراءة الثلث وقل هو الله أحد ونظيره من عزم على عبادة ولم يتيسر له ثواب تلك العبادة مرة واحدة ومن فعل تلك العبادة يثاب بفعلها عشرة مرات.


[1] في هامش المخطوط: ((أقول: لئن يحصل بقراءته ثلاث مرات ثواب القرآن جميعه لأن ثواب قراءة ثلث الصفات أكثر من يقرأ قراءة ثلث الأحكام، وثواب ثلث الأحكام أكثر من ثلث القصص فالذي يفعله الناس ويقرأون قل هو الله أحد ثلاث مرات يعنون أنه يحصل بقراءتها ثلثا ثواب قراءة جميع القرآن فيه إشكال فتأمل)).
[2] في هامش المخطوط: ((أقول: فإن قلت: السكينة كان القياس أن يسكن عند رؤيتها الفرس فكيف جفل منها؟ قلت: رأت شيئاً لم تعهد برؤيته خصوصاً في الظلة.
فإن قلت: لم لم يرجع ولده من عند الفرس أو يؤخرها عن ولده ويستمر في القراءة؟ قلت: لعل موضعه كان ضيقاً لا يسع ذلك، أو السكينة لا يمكن رؤيتها فصار ذلك سبباً لعدم القراءة لئلا يرى السكينة)).
[3] في هامش المخطوط: ((أقول: قال الزمخشري في ((الكشاف)): فإن قلت: لم كانت هذه السور عدل القرآن كله على قصر متنها وتقارب طرفيها؟ قلت: لأمر ما يسود من يسود، وما ذاك إلا لاحتوائها على صفات الله وعدله وتوحيده، وكفى دليلاً من اعترف بفضلها وصدق بقول رسول الله صلعم: إن علم التوحيد من الله تعالى بمكان، وكيف لا يكون كذلك والعلم تابع للمعلوم: يشرف بشرفه، ويتضع بضعه، ومعلوم هذا العلم هو الله تعالى وصفاته، وما يجوز عليه وما لا يجوز، فما ظنك بشرف منزلته وجلالة محله، وإنافته على كل عالم، واستيلائه على قصب السبق دونه، ومن ازدراه فلضعف علمه بمعلومه، وقلة تعظيمه له، وخلوه من خشيته، وبعده من النظر لعاقبته، انتهى
أقول: وفي كلامه أنها تعدل القرآن كله، وفي الأحاديث أنها تعدل ثلث القرآن)).