الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

باب غسل المرأة أباها الدم عن وجهه

          ░72▒ (بَابُ غَسْلِ المَرْأَةِ أَبَاهَا الدَّمَ): (أباها): مفعول المصدر المضاف لفاعله، و(الدم): بدل اشتمال، زاد الكرماني، وتبعه ابن حجر: أو بدل بعض، واستبعده البرماوي، أو منصوب على الاختصاص
          (عَنْ وَجْهِهِ): وللكشميهني: <من وجهه>، وهما يتقارضان أو ضمن (غسل) معنى الإزالة، ولابن عساكر: <غسل المرأة الدم عن وجه أبيها>.
          والغرض من هذه الترجمة كما في ((الفتح)): أن إزالة النجاسة ونحوها تجوز الاستعانة فيها كما مر في الوضوء، وبه تظهر مناسبة أثر أبي العالية لحديث سهل.
          وقال الكرماني: وجه تعلق الباب بكتاب الوضوء على كون النسخة: (كتاب الطهارة) بدل: (كتاب الوضوء): ظاهر، وإلا فالمراد بالوضوء، إما معناه اللغوي، فيتناول رفع الخبث أيضاً، وإما معناه الاصطلاحي، فيكون ذكر الطهارة عن الخبث في هذا الكتاب بالتبعية لطهارة الحدث، والمناسبة بينهما: كونهما من شرائط الصلاة وغير ذلك.
          واستحسنه العيني لكن قال: وإن كان لا يخلو عن بعض التعسف، وزاد إبداء المناسبة بينه وبين ما قبله _كما هو عادته_ بأن كلاً منهما يشتمل على حكم شرعي:
          ففي الأول: عدم جواز استعمال النبيذ.
          وفي الثاني: عدم جواز ترك النجاسة على البدن
          (وَقَالَ أَبُو العَالِيَةِ): هو: رفيع الرياحي (امْسَحُوا عَلَى رِجْلِي): بالإفراد (فَإِنَّهَا مَرِيضَةٌ): أي: من جمرة، وهذا صادق بكونه مع التيمم عن الجريح، كما هو مذهب الشافعي، وبكونه لا معه، كما يكتفي بمسح الجريح بالماء، كما هو مذهب الحنفية، وتفصيل المذاهب يأتي في التيمم. وهذا وصله عبد الرزاق، عن معمر، عن عاصم بن سليمان قال: دخلنا على أبي العالية وهو وجع فوضؤوه، فلما بقيت إحدى رجليه قال ما هنا.
          قال في ((الفتح)): وزاد ابن أبي شيبة: أنها كانت معصوبة.
          واعترضه العيني فقال: ليس رواية ابن أبي شيبة هكذا، وإنما المذكور في ((مصنفه)) عن أبي العالية: أنه اشتكى رجله فعصبها وتوضأ، ومسح عليها، وقال: إنها مريضة، وهذا غير الذي ذكره البخاري.