الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

باب ترك النبيِّ والناس الأعرابي حتى فرغ من بوله فِي المسجد

          ░57▒ (بَابُ تَرْكِ النَّبِيِّ صلعم وَالنَّاسِ): بالجر عطف على لفظ: (النبي)، وبالرفع عطف على محِله، ويجوز النصب على المفعول معه (الأَعْرَابِيَ): بفتح الهمزة: مفعول (ترك) المصدر واللام فيه للعهد الذهني النحوي، والخارجي البياني؛ لأنه معهود بواسطة القرائن، وهو ذو الخويصرة اليماني، أو الأقرع بن حابس، كما يأتي مبسوطاً.
          والأعرابي: واحد الأعراب، وهم سكان البادية مطلقاً، أو من العرب خاصة، وهم سكان الأمصار من غير العجم، والنسبة إليهم عربي، وليس الأعراب جمعاً للعرب (حَتَّى فَرَغَ): بفتح الراء (مِنْ بَوْلِهِ فِي المَسْجِدِ): أي: النبوي، والمشهور في المسجد: كسر جيمه ويجوز فتحها، وهو القياس، والظرف إما حال من (بوله) أو صفة له.
          وإنما ترك النبي صلعم الأعرابي يبول حتى فرغ، وأمر الناس بتركه فتركوه؛ لأنه شرع في المفسدة، فلو منع من إكمالها فيه لدار الأمر بين أن يقطعها فيتضرر، وبين أن لا يقطعها فلا يأمن تنجيس بدنه، أو ثوبه، أو مواضع أخر من المسجد، ويؤخذ منه ارتكاب أخف المفسدتين لدفع أشدهما.