الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

باب ما يقع من النجاسات في السمن والماء

          ░67▒ (بَابُ مَا يَقَعُ مِنَ النَّجَاسَاتِ فِي السَّمْنِ وَالمَاءِ): (ما): موصول اسمي، أو حرفي، أو نكرة موصوفة. واقتصر العيني على جعل (ما) مصدرية، وجعل (من) بيانية، فقال: هذا باب في بيان حكم وقوع النجاسة في السمن والماء، واعترض تقدير ((الفتح)): هل ينجسها أم لا؟ أو لا ينجس الماء إلا إذا تغير دون غيره، وهذا الذي يظهر من مجموع ما أورده المصنف في الباب من أثر وحديث. انتهى.
          فقال: لا حاجة إلى هذا التفسير، فكأنه لما خفى عليه المعنى الذي ذكرناه، قدر ما قدره. انتهى كلام العيني، و((الفتح)).
          أقول: لا يخفى على المنصف حسن كلام ((الفتح))، وأحسن منه ما قدرناه، كما يظهر بالتأمل فأحسنه مع الإنصاف.
          ولعله أشار بالسمن: إلى كل جامد رطب، أو إلى أعم، لما سيأتي في حديث الباب، وبالماء: إلى سائر المائعات وأن الجامد الرطب لا يتنجس منه إلا ما لاقى النجس فقط، وأما المائع: فإن كان ماء فلا ينجس ولو قليلاً إلا بالتغير، وإن كان غيره فيتنجس مطلقاً بمجرد الملاقاة له، هذا ما يظهر أنه مراد المصنف، وأنه مذهبه، وأما مذاهب الأئمة: فستأتي مفصلة _إن شاء الله تعالى_ في هذا الباب.
          هذا (وَقَالَ الزُّهْرِيُّ): هذا التعليق وصله عبد الله بن وهب في ((جامعه)) عن يونس عنه، وروى البيهقي معناه بطريقه إلى الزهري (لَا بَأْسَ بِالمَاءِ): أي: باستعماله على أي حال كان؛ لأنه محكوم بطهارته (مَا لَمْ يُغَيِّرْهُ): بضم التحتية أوله كسر التحتية، وضميره: للماء، و(ما): ظرفية.
          وقوله: (طَعْمٌ أَوْ لَوْنٌ أَوْ رِيحٌ): فاعله؛ أي: تغير الماء بأحد هذه الأوصاف من ملاقاة نجاسة له منجس له، فوجود أحدها ولو تقديراً كافٍ في الحكم عليه بالنجاسة، وأما طهارته: فلا بد من انتفاء جميعها، ولفظ الزهري من رواية ابن وهب له، عن يونس: كل ماء فيه قوة عما يصيبه من الأذى حتى لا يغير ذلك طعمه، ولا ريحه، ولا لونه فهو طاهر، ومقتضاه: أنه لا يفرق بين قليله وكثيره إلا بالقوة المانعة للملاقي أن يتغير أحد أوصافه، فالعبرة عنده بالتغير، وعدمه.
          وظاهر أثر الزهري هنا: أن الطعم وما بعده مغير وهو صحيح، والماء متغير به، والمراد: طعم النجس، أو لونه، أو ريحه وهو واضح؛ فإنه الذي غير الماء، أو طعم الماء، أو لونه، أو ريحه الحاصل بمخالطة النجس، فالمتغير في الصورتين حقيقة هو: الماء، لكن لما كان لا يعلم تغيره من جهة طعمه، أو ريحه، أو لونه؛ فكأنه هو المغير فهو من قبيل إطلاق السبب، وإرادة المسبب.
          وأما أثر الزهري الذي رواه عبد الله بن وهب في ((جامعه)) بلفظه الذي ذكرناه قريباً، فهو إما بمعنى ما هنا إن جعلنا طعمه وما بعده فاعل يغير، وجعلنا مفعوله الذي هو اسم الإشارة راجعاً إلى الماء المذكور، وإما مغاير له إن جعلنا اسم إشارة راجعاً إلى ما يصيبه الذي هو عبارة عن النجس؛ فإنه حينئذٍ هو الفاعل وطعمه وما بعده مفعوله؛ لكن جعل الطعم متغيراً فيه / مسامحة، كما مر.
          وليس الذي رواه ابن وهب جارٍ على الأصل كما يوهمه كلام العيني مطلقاً، وهذا هو التحقيق في هذا المقام، لا ما قاله الكرماني، ولا ما قاله العيني، وأطال فيه، وادعى أن في تفسير الكرماني تعقيداً، كما ادعاه الكرماني في عبارة الزهري، فراجع ما قالاه وما قلنا، وتأمل، وأنصف.
          ومذهب الزهري هذا صار إليه جماعة من العلماء منهم: المصنف، كمالك، وهو قول للشافعية.
          قال ابن حجر في (التحفة): واختار كثيرون من أئمتنا مذهب مالك: أن الماء مطلقاً لا ينجس إلا بالتغير، وكأنهم نظروا للتسهيل على الناس، وإلا فالدليل صريح في التفصيل، ولا فرق عندنا بين الجاري والراكد، وقيل: إن الجاري لا ينجس إلا بالتغير، والصحيح: أن المعتبر القلتين، لكن المعتبر في الجاري: الجرية؛ فإن كانت قلتين فهو كثير لا ينجس إلا بالتغير، وإلا فينجس بالملاقاة، وهذا التفصيل مذهب أحمد أيضاً، وقد ورد فيه حديث مرفوع، قال الشافعي: لا يثبت أهل الحديث مثله، وهو ما أخرجه ابن ماجة بسند ضعيف إلى أبي أمامة، وفيه اضطراب قال رسول الله صلعم: (إن الماء لا ينجسه شيء إلا ما غلب على ريحه، وطعمه، ولونه)، قال البيهقي: والحديث غير قوي، إلا أنا لا نعلم خلافاً في تنجيس الماء إذا تغير أحد أوصافه بالنجاسة.
          قال في ((الفتح)): وقد تعقب هذا المذهب أبو عبيد في كتاب (الطهور): بأنه يلزم منه أن من بال في إبريق، ولم يغير للماء وصفاً أنه يجوز له التطهير به وهو مستبشع، ولهذا نصر قول التفريق بالقلتين، وإنما لم يخرجه البخاري لاختلاف وقع في إسناده، لكن رواته ثقات، وصححه جماعة من الأئمة إلا أن مقدار القلتين لم يتفق عليه، واعتبره الشافعي بخمس قرب من قرب الحجاز احتياطاً، وخصص به حديث ابن عباس مرفوعاً: (الماء طهور لا ينجسه شيء)، وهو حديث صحيح، رواه الأربعة، وابن خزيمة، وغيرهم، انتهى.
          واعترضه العيني فقال: كيف ينصر هذا بحديث القلتين وقد قال ابن العربي: مداره على علقمة، أو مضطرب في الرواية، أو موقوف، وحسبك أن الشافعي رواه عن الوليد بن كثير وهو إباضي، واختلفت روايته فقيل: (قلتين)، وقيل: (قلتين، أو ثلاثاً)، وروي: (أربعون قلة)، وروي: (أربعون غرباً)، ووقف على أبي هريرة، وعبيد الله بن عمرو.
          قال اليعمري: حكم ابن منده بصحته على شرط مسلم من جهة الرواة؛ ولكنه أعرض عن جهة الرواية بكثرة الاختلاف فيها والاضطراب، ولعل مسلم تركه لذلك.
          قلت: وكذلك لم يخرجه البخاري لاختلاف وقع في إسناده.
          وقال أبو عمرو في (التمهيد): ما ذهب إليه الشافعي من حديث القلتين، مذهب ضعيف من جهة النظر غير ثابت في الأثر؛ لأنه قد تكلم فيه جماعة من أهل العلم بالنقل.
          وقال الدبوسي في كتاب (الأسرار): وهو خبر ضعيف، ومنهم من لم يقبله؛ لأن الصحابة والتابعين لم يعملوا به. انتهى.
          وأقول: قال الحافظ ابن حجر في ((الانتقاض)): وكله مردود، وبسطه في مواضع أخر.
          وذكر في تخريج أحاديث الرافعي بعد أن ذكر طرق الحديث، ورواياته، وما قيل عليه من العلماء وأجاب عن ذلك، وأطال.
          وقال ابن حجر المكي في (التحفة): في شرح قول (المنهاج): والقلتان: خمسمائة رطل بغدادي: لخبر الشافعي، والترمذي، والبيهقي: (إذا بلغ الماء قلتين بقلال هجر لم ينجس) وهَجَر _بفتح أوليها_ قرية بقرب المدينة، وقدر الشافعي القلة منها أخذاً من قول ابن جريج، الرائي لها بقربتين ونصف بقرب الحجاز، والواحدة منها لا تزيد غالباً على مائة رطل بغدادي، وحينئذٍ فانتصار ابن دقيق العيد لمن لم يعمل بخبر القلتين محتجاً بأنه مبهم عجيب، إذ لا وجه للمنازعة في ما ذكر، وإن سلم ضعف زيادة: (من قلال هجر)؛ لأنه إذا اكتفي بالضعيف في الفضائل والمناقب فالبيان كذلك، بل أبو حنيفة يحتج به مطلقاً، وأما اعتماد الشافعي لها فهو إما لهذا، أو لثبوتها عنده. انتهى.
          أقول: لكن يتأمل في كون البيان كالفضائل في هذا، وفي كون أبي حنيفة يحتج به مطلقاً.
          وقال النووي في (شرح المهذب): لخبر: (إذا كان الماء قلتين بقلال هجر لم يحمل خبثاً)، رواه بهذه الزيادة الشافعي في (الأم) و(مختصر المزني)، وكذا البيهقي في (السنن الكبرى)، قال الخطابي: قلال هجر: مشهورة الصَّنعة، معلومة المقدار لا تختلف؛ لأن الحد لا يقع بالمجهول، وكذا قال ذلك غير الخطابي من أصحابنا، بل اتفقوا عليه، وجعلوه جواباً عن اعتراض أصحاب أبي حنيفة في قولهم: القلال تختلف، بل يدفع بالضرورة بأن النبي لا يضبط بمبهم. انتهى ملخصاً.
          ثم قال العيني: وقال ابن بطال: ومذهب الزهري هو قول الحسن، والنخعي، والأوزاعي، ومذهب أهل المدينة وهي رواية أبي مصعب عن مالك، وروى عنه بن القاسم: أن قليل الماء ينجس بقليل النجاسة، وإن لم يظهر فيه، وهو قول الشافعي، وروي هذا عن ابن عباس، وابن مسعود، وسعيد بن المسيب على اختلاف عنه، وسعيد بن جبير، وهو قول الليث، وابن صالح بن حي، وداود بن / علي ومن تبعه، وهو مذهب أهل البصرة، وقد قال بعض أصحابنا: هو الصحيح في النظر، والثابت في الأثر، ومذهب أصحابنا: الماء إما جارٍ، أو راكد قليل، أو كثير، فالجاري إذا وقعت فيه نجاسة، وكانت غير مرئية كالبول، والخمر؛ فإنه لا ينجس ما لم يتغير، وإن كانت مرئية كالجيفة ونحوها؛ فإن كان يجري عليها جميع الماء، لا يجوز التوضؤ به من أسفلها، وإن كان يجري أكثره عليها، فكذلك اعتباراً للغالب، وإن كان أقله يجري عليها يجوز التوضؤ به من أسفلها، وإن كان يجري عليه النصف، فالقياس جواز التوضؤ، وفي الاستسحان: لا يجوز احتياطاً، والراكد اختلفوا فيه فقال الظاهرية: لا ينجس أصلاً، وقالت عامة العلماء: إن كان قليلاً ينجس، وإن كان كثيراً لا ينجس؛ لكنهم اختلفوا في الحد الفاصل بينهما، فعندنا بالخلوص؛ فإن كان يخلص بعضه إلى بعض فهو قليل، وإلا فهو كثير، وفسروا الخلوص بالتحريك، وذلك بأن يكون بحيث لو حرك منه طرف لتحرك الطرف الآخر
          (وَقَالَ حَمَّادٌ): بفتح الحاء المهملة وتشديد الميم: هو ابن أبي سليمان شيخ أبي حنيفة (لَا بَأْسَ): أي: لا حرج (بِرِيشِ المَيْتَةِ): في استعماله؛ لأنه ليس بنجس، فلا ينجس ما أصابه من مائع وغيره مع رطوبة من أحد الجانبين، سواء كان ريش مأكول اللحم وغيره، وهو أيضاً مذهب الحنفية والمالكية، وهذا التعليق وصله عبد الرزاق عن معمر عنه بلفظ: لا بأس بصوف الميتة؛ ولكنه يغسل، ولا بأس بريش الميتة. انتهى.
          وهو قول عند الشافعية، حكاه الأسنوي في صوف الميتة، وشعرها، ووبرها، وعظمها، بل وفي جلدها إذا لم يدفع، والراجح عند الشافعية: أنه نجس؛ لأنه تحله الحياة، وهو مذهب الحنابلة.
          وأقول: لعل قوله: في صوف الميتة، لكنه يغسل؛ لأنه ربما أصابه نجاسة، بل لا يخلوا عن ذلك غالباً، ومثله ريشها، فتأمل
          (وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: فِي عِظَامِ المَوْتَى): جمع ميت ويجمع أيضاً على أموات، يشمل العاقل وغيره، ومنه ما هنا وقوله: (نَحْوَ الفِيلِ وَغَيْرِهِ): أي: مما يؤكل: مثال للموتى، وجوز الكرماني أن يراد أعم من ذلك (أَدْرَكْتُ نَاساً): أي: كثيرين، والتنكير للتكثير إذ المقام يقتضيه نحو: إن لنا مالاً، في نحو مقام الافتخار (مِنْ سَلَفِ العُلَمَاءِ): أي: متقدميهم (يَمْتَشِطُونَ بِهَا): أي: بعظام الموتى، حيث يصنعون منها أمشاطاً ويستعملونها (وَيَدَّهِنُونَ): بتشديد الدال المهملة من باب الافتعال، وأصله: يتدهنون قلبت التاء دالاً وأدغم، وهو الرواية، ونقل ابن الملقن جواز وجهين آخرين عن السفاقسي:
          أحدهما: من باب الإفعال.
          وثانيهما: تشديد الدال والهاء وفتحهما وماضيه دَهَّن _بتشديد الهاء_ كجمَّع، ثم زيد فيه التاء بين الفاء والعين، وقلبت التاء دالاً وأُدغما، ويمكن إرجاع معنى الإفعال إلى آخرين؛ أي: يدهنون أنفسهم، ويحتمل أن يعم فيه ولا يختص بغيرهم، ولا منع من ذلك، ولا يتوقف على الرواية وإن ادعاه العيني أولاً؛ لكنه رجع إلى أن رعاية السماع أولى مع أن في كلامه ما لا يخفى، وهذا يدل على أنهم يقولون بطهارته.
          وقوله: (فِيهَا): أي: منها لجعلهم الدهن فيها (لَا يَرَوْنَ بِهِ): أي: بالإدهان المفهوم من:(يدهنون)، أو بما ذكر الشامل للإمتشاط والإدهان (بَأْسَاً): أي: حرجاً، ولو كان عندهم نجساً لما استعملوه امتشاطاً وادهاناً، وعلم منه: أنه لو وقع عظم الفيل في نحو الماء لا بأس به، ونجاسة عظم الميتة وطهارته، وكذا ريشها مبنيان على أن لهما حياة أم لا، فعند أبي حنيفة وجماعة: طاهران، وعند الشافعي ومالك، وأحمد: نجسان؛ لأنهما تحلهما الحياة، قال تعالى: {قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ} [يس:79]: أي: العظام فهذه الآية ظاهرة في أنها تحلها الحياة، ومثلها الريش، والظلف، والقرن.
          وقال ابن بطال: ريش الميتة، وعظام الفيلة، ونحوها طاهر عند أبي حنيفة؛ وكأنه تعلق بحديث ابن عباس الموقوف: إنما حرم من الميتة ما يؤكل منها، وهو اللحم، فأما السن، والجلد، والعظم، والشعر، والصوف: فهو حلال، وقد أخرجه الدارقطني؛ لكنه ضعيف لانفراد أبي بكر الهذلي بروايته، وليس بشيء، وتعلق بحديث أم سلمة مرفوعاً:(لا بأس بمسك الميتة إذا دبغ، ولا بشعرها إذا غسل بالماء)، رواه يوسف بن أبي السفر وهو متروك، والمسك: الجلد.
          وقال في ((الصحاح)): المسَك _بالتحريك_ أسورة من ذبل أو عاج.
          قال جرير:
ترى القبس الحولي جوناً بكوعاً                     لها مسكاً من غير عاج ولا ذبل
          الواحدة: مسكة. انتهى.
          وإن ذكي حيوانه، إلا أن مالكاً يقول: المذكى طاهر مطلقاً وإن لم يدبغ
          (وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ): أي: محمد (وَإِبْرَاهِيمُ): أي: النخعي، وأسقط:<إبراهيم> أكثر الرواة عن الفربري، وكذا السرخسي (لَا بَأْسَ بِتِجَارَةِ العَاجِ): أي: بالتجارة في العاج، والتِّجارة _بكسر الفوقية_ وفي بعض النسخ:(بنجارة العاج): / بالنون.
          وعليها جرى في (المنحة): فقال: نُجارة _بضم النون_ وهو ما يخرط من العاج. انتهى. والعاج _بتخفيف الجيم وبالعين المهملة أوله_ والواحدة: عاجة: ناب الفيل، ولا يسمى به غيره، كما قاله ابن سيدة، والخليل، وقال ابن فارس والجوهري: العاج: عظم الفيل، فلم يخصصاه بالناب.
          وقال الخطابي تبعاً لابن قتيبة: العاج: الذبل، وهو ظهر السلحفاة البحرية.
          ونظر فيه في ((الفتح)): بأن المذكور على طهارة عظم الفيل، لكن إيراد البخاري له عقب أثر الزهري في عظم الفيل يدل على اعتبار ما قاله الخليل. انتهى.
          واعترضه العيني فقال: مع وجود النقل عن الخليل، لا يعتبر نقل الثاني. انتهى.
          وأقول: الثاني مثبت، والخليل نافٍ، والمثبت مقدم على النافي، أو يقال: ما قاله الخليل باعتبار الأكثر، أو ما قاله الثاني باعتبار غيرهم، فتأمل.
          وقال ابن الملقن: وروي:(أنه ◙ امتشط بمشط من عاج)، وروى أبو داود: أنه ◙ قال لثوبان: (اشتر لفاطمة سوارين من عاج)، لكنهما ضعيفان، ثم العاج هو: الذَبْل _بذال معجمة؛ أي: مفتوحة ثم موحدة ساكنة،كما في العيني ثم لام_ وهو عظم ظهر السلحفاة البحرية، عرج به الأصمعي، وابن قتيبة، وغيرهما من أهل اللغة. انتهى.
          وأثر ابن سيرين وصله عبد الرزاق بلفظ: إنه كان لا يرى بالتجارة في العاج بأساً، وهذا يدل على أنه كان يراه طاهراً؛ لأنه كان لا يجيز بيع النجس، ولا المتنجس الذي لا يمكنا تطهيره بدليل قصته المشهورة في الزيت.
          قال ابن المنير: مناسبة هذه الآثار لحديث السمن: أن المعتبر عند المصنف في التنجيس تغير الصفات، فلما كان الريش والعظم لا يتغيران بتغيرها بالموت، فكذلك السمن البعيد عن موقع النجاسة إذا لم يتغير، واقتضى ذلك أن الماء إذا لاقته النجاسة ولم يتغير أنه لا يتنجس.