الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

باب النهي عن الاستنجاء باليمين

          ░18▒ (بَابُ النَّهْيِ عَنْ الاِسْتِنْجَاءِ بِاليَمِينِ): أي: باليد اليمنى.
          قال في ((الفتح)): وعبر بالنهي إشارة إلى أنه لم يظهر له هل هو للتحريم أو للتنزيه، أو إلى أن القرينة الصارفة له عن التحريم لم تظهر له.
          واعترضه العيني فقال: هذا كلام فيه خبط؛ لأن في الحديث النهي عن ثلاثة أشياء؛ أي: ومنها: (وإذا أتى الخلاء فلا يمس ذكره بيمينه)، فلا بد من التعبير بالنهي، وأما أنه للتحريم أو للتنزيه فأمر آخر.
          وأجاب في ((الانتقاض)): بأن المراد الأمر الآخر فاقتصر على النهي لصلاحه لكل منهما. ثم قال في ((الفتح)): وبكونه للتنزيه قال الجمهور، وذهب أهل الظاهر إلى أنه للتحريم، وفي كلام جماعة شافعية ما يشعر به، لكن قال النووي: مراد من قال منهم: لا يجوز الاستنجاء باليمنى؛ أي: لا يكون مباحاً يستوي طرفاه، بل هو مكروه راجح الترك و القول بالتحريم، فمن فعله أساء وأجزأه.
          وقال أهل الظاهر وبعض الحنابلة: لا يجزئ، ومحل هذا الاختلاف حيث كانت اليد تباشر ذلك بآلة غيرها كالماء وغيره، أما بغير آلة فحرام غير مجزئ بلا خلاف، واليسرى في ذلك كاليمنى.