الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

باب غسل المني وفركه وغسل ما يصيب من المرأة

          ░64▒ (بَابُ غَسْلِ المَنِيِّ وَفَرْكِهِ): أي: غسل الشخص المني، ولو كان يابساً، وقيل: يختص بالرطب وفركه إذا كان يابساً من الثوب أوغيره حتى يذهب أثره (وَغَسْلِ مَا يُصِيبُ): أي: غسل الأثر الذي يصيب الثوب، أو غيره من الرطوبة الحاصلة (مِنَ) فرجِ (المَرْأَةِ).
          والمنيُّ _بتشديد التحتية_ معروف، قال في ((الفتح)): وفي الثالث: حديث صريح عند المصنف في أواخر الغسل، ولم / يذكره هنا؛ وكأنه استنبطه من أن المني الحاصل في الثوب، لا يخلو غالباً من مخالطة ماء المرأة ورطوبتها. انتهى ملخصاً.
          قال العيني: وهذه الترجمة مشتملة على ثلاثة أحكام، ولم يذكر في هذا الباب إلا حكم غسل المني، وذكر الثالث في أواخر الغسل.
          واعترض بعضهم على ((الفتح)) في قوله: لم يخرج البخاري حديث الفرك بل اكتفى بالإشارة إليه في الترجمة على عادته؛ لأنه ورد من حديث عائشة، كما سيذكره فقال: هذا اعتذار بارد؛ لأن الطريقة أنه إذا ترجم الباب بشيء ينبغي أن يذكره، وقوله: بل يكتفى بالإشارة إليه: كلام واهٍ؛ لأن المقصود من الترجمة معرفة حديثها، وإلا فمجرد ذكر الترجمة لا يفيد، والحديث الذي في الباب، لا يدل على الأخيرين.
          واعتذر الكرماني بقوله: واكتفى بإيراد بعض الحديث وكثيراً يفعل ذلك، أو كان في قصده أن يضيف إليه ما ينطق به، فلم يتفق له أو لم يجده على شرطه، ورده العيني أيضاً بأن هذا لا يجدي. انتهى.
          وأقول: إذا كان اعتذار غيره بارداً، أو واهياً، أو لا يجدي فما اعتذاره هو السالم عما ذكره، وعن طعن ولكنه أنصف في قوله: ولكن حبك الشيء يعمي ويصم، على أنه أهمل من كلام الكرماني ما يدفع الإيراد أيضاً، وعبارته؛ فإن قلت: الحديث لا يدل على الفرك، ولا على غسل ما يصيب من المرأة، قلت: علم من الغسل عدم الاكتفاء بالفرك، والمراد من الباب: بيان حكم المني، غسلاً وفركاً في أن أيهما ثبت في الحديث، وما الواجب منهما، وعلم أيضاً: غسل رطوبة فرج المرأة، إذ لا شك في اختلاط المني بها عند الجماع، أو أنه ترجم بما جاء في هذا الباب واكتفى، إلى آخر ما نقله، فاعرفه.