نجاح القاري لصحيح البخاري

باب: من خير نساءه

          ░5▒ (باب مَنْ خَيَّرَ نِسَاءَهُ) وفي بعض النُّسخ: <أزواجه> والتَّخيير: هو أن يجعلَ الطَّلاق للمرأة فإن لم تمتثل فلا شيءَ عليها، وحاصله: أن يخيرهنَّ بين أن يطلقنَ أنفسهنَّ، وبين أن يستمررنَ في العصمة (وَقَوْلِ اللَّهِ ╡) بالجرِّ عطف على قوله: ((من خَيَّر نساءَه)) لأنَّ محلَّه مجرور بإضافة لفظ باب إليه؛ أي: قول الله تعالى لرسوله صلعم : ({قُلْ لأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا}) أي: السِّعة في الدنيا وزهرتها ({فَتَعَالَيْنَ}) أي: اقبلنَ بإرادتكنَّ واختياركنَّ لأحد أمرين، ولم يرد نهوضهنَّ إليه بأنفسهنَّ ({أُمَتِّعْكُنَّ}) أُعطكنَّ متعة الطَّلاق ({وَأُسَرِّحْكُنَّ}) وأطلقكنَّ ({سَرَاحاً جَمِيلاً}) لا ضررَ فيه.
          وهذا أمرٌ من الله تعالى لرسوله صلعم أن يُخَيِّرَ نساءَه بين أن يفارقهنَّ فيذهبنَ إلى غيره ممَّن يجعل لهنَّ ما عنده من الدُّنيا وزخرفها، وبين الصَّبر على ما عنده من ضيقِ الحال، ولهنَّ عند الله في ذلك الثَّواب الجزيل، فاخترنَ، ╢، رِضَى اللهِ ورسولهِ والدَّارَ الآخرة، فجَمَعَ الله لهنَّ بعد ذلك بين خَيري الدنيا والآخرة.