نجاح القاري لصحيح البخاري

باب: لا يجمع بين متفرق ولا يفرق بين مجتمع

          ░34▒ (باب) (1) بالتَّنوين (لاَ يُجْمَعُ بَيْنَ مُتَفَرِّقٍ) بتقديم المثناة الفوقية على الفاء وتشديد الراء، كذا في رواية الكُشْمِيْهني، وفي رواية الحمُّويي والمستملي: <مفترق> بتقديم الفاء من الافتراق. وصورته أن يكون لهذا أربعون شاةً ولذاك أربعون أيضاً، وللآخر أربعون (2) فجمعوها حتَّى لا يكون فيها إلَّا شاة.
          (وَلاَ يُفَرَّقُ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ) بكسر الميم الثانية، وصورته أن يكون شريكان لكلِّ واحدٍ منهما مائة شاة وشاة، فيكون عليهما في ماليهما ثلاث شياه، ثم يفرقان بينهما عند طلب السَّاعي الزَّكاة، فلم يكن على كلٍّ منهما إلَّا شاةً واحدة، وسيجيء التَّفصيل في ذلك إن شاء الله تعالى [خ¦1450].
          قال الزِّين ابن المنيِّر: لم يقيِّد المصنف الترجمة بقوله خشية الصَّدقة لاختلاف نظر العلماء في المراد بذلك كما سيأتي.
          (وَيُذْكَرُ) على البناء للمفعول (عَنْ سَالِمٍ) هو: ابن عبد الله بن عمر ☻ (عَنِ ابْنِ عُمَرَ ☻ ، عَنِ النَّبِيِّ صلعم صلعم ) أي: مثل لفظ هذه التَّرجمة.
          وهذا التَّعليق ذكره التِّرمذي موصولاً مطوَّلاً، فقال: حدَّثنا زياد بن أيوب البغدادي، وإبراهيم بن عبد الله الهروي، ومحمَّد بن كامل المروزي المعنى واحد، قالوا: حَدَّثَنَا عفَّان بن العوام، عن سفيان بن حسين، عن الزُّهري، عن سالمٍ عن أبيه: أنَّ رسول الله صلعم كتب كتاب الصَّدقة فلم يخرجه إلى عماله حتَّى قُبض فقرنه بسيفه، فلمَّا قبض عمل به أبو بكرٍ ☺ حتى قُبض وعمر ☺ حتَّى قبض. الحديث. وفيه: ((ولا يجمع بين متفرق ولا يفرق بين مجتمعٍ مخافة الصَّدقة)) إلى آخره، وقال: حديث ابن عمر حديثٌ حسن، وخرَّجه أبو محمَّد الدَّارمي في كتابه الملقَّب بـ«الصحيح».
          وقال التِّرمذي في كتاب «العلل»: سألت محمَّداً عن حديث سالمٍ، عن أبيه: كتب رسول الله صلعم كتاب الصَّدقة فقال: أرجو أن يكون محفوظاً وسفيان بن حسين / صدوق.
          هذا، وإنَّما ذكره المؤلِّف بصيغة التَّمريض، لأن سفيان بن حسين ضعيف في الزُّهري، وقد خالفهُ مَن هو أحفظ منه في الزُّهري فأرسلهُ، أخرجه الحاكم من طريق يونس بن يزيد، عن الزُّهري، وقال: إنَّ فيه تقويةً لرواية سفيان بن حسين؛ لأنَّه قال عن الزُّهري قال: أقرأنيها سالم بن عبد الله بن عمر ☻ ، فوعيتها على وجهها. فذكر الحديث.
          ولم يقل: إنَّ ابن عمر حدَّثه به، ولهذه العلَّة لم يجزم به البخاري، لكن أورده شاهداً لحديث أنس ☺ الذي وصله في الباب، وقد أخرجه أبو داود، وأحمد، وأبو يعلى.


[1] من قوله: ((في باب العلم... إلى قوله: باب)) ليس في (خ).
[2] قوله: ((وللآخر أربعون)) ليس في (خ).