نجاح القاري لصحيح البخاري

باب ما أدى زكاته فليس بكنز

          ░4▒ (بابٌ) بالتنوين (مَا أُدِّيَ زَكَاتُهُ فَلَيْسَ بِكَنْزٍ) لفظ التَّرجمة لفظ حديث روي مرفوعاً وموقوفاً عن ابن عمر ☻ ، أخرجه مالك، عن عبد الله بن دينار عنه موقوفاً، وكذا أخرجه الشَّافعي عنه، ووصله البيهقي والطَّبراني من طريق الثَّوري، عن عبد الله بن دينار.
          وأخرجه البيهقيُّ أيضاً من رواية عبد الله بن نُمير، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر ☻ بلفظ: ((كلَّ ما أدَّيت زكاته وإن كان تحت سبع أرضين فليس بكنزٍ، وكل مالٍ لا تُؤدَّى زكاتُه فهو كنز وإن كان ظاهراً على وجه الأرض)) أورده مرفوعاً، ثمَّ قال: ليس بمحفوظٍ، والمشهور وقفه.
          وهذا يؤيِّد أن الكنز المراد منه معناه الشَّرعي لا معناه اللَّغوي، وهو المال المدفون في الأرض. وفي الباب عن جابر ☺ أخرجه الحاكم بلفظ ((إذا أدَّيت زكاة مالك فقد أذهبت عنك شرَّه))، ورجَّح أبو زرعة والبيهقي وقفه أيضاً كما عند عبد الرَّزَّاق.
          وعن أبي هريرة ☺ / أخرجه التِّرمذي بلفظ: ((إذا أدَّيت زكاة مالك فقد قضيت ما عليك))، وقال: حسنٌ غريبٌ، وصحَّحه الحاكم وهو على شرط ابن حبَّان
          وعن أمِّ سلمة ♦ من طريق عطاء عنها قالت: كنت ألبس أَوْضَاحاً من ذَهَبٍ فقلت: يا رسول الله أكنزٌ هو؟ فقال: ((ما بلغ أن يؤدَّى زكاتُه فزكِّي فليس بكنزٍ)) رواه أبو داود وإسناده جيِّد، ورجاله رجال البخاري، وأخرجه الحاكم وصحَّحه أيضاً.
          (لِقَوْلِ النَّبِيِّ صلعم ) في الحديث الآتي في هذا الباب (لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ) وفي رواية: <خمس> بدون التاء (أَوَاقٍ) بغير ياء كجَوار، وفي روايةٍ: <أواقي> بإثبات الياء، جمع: أوقية كأثفيَّة وأثافي ويجوز تخفيف الياء وتشديدها، والأوقية أربعون درهماً، وسيجيء تفصيله إن شاء الله تعالى.
          (صَدَقَةٌ) علَّل البخاري ☼ ترجمته بهذا الحديث. وحاصله: أنَّ شرط كون المال كنزاً مذموماً يستحقُّ عليه الوعيد شيئان: أحدهما أن يكون نصاباً، والثَّاني: أن لا يخرج منه زكاته، فإذا عدم النِّصاب لا يلزمه شيء فلا يكون كنزاً، وإذا وجد النِّصاب وزكَّى لا يكون كنزاً أيضاً، وأمَّا إذا وجد النِّصاب ولم يزكِّ يكون كنزاً مذموماً، فيدخل تحت آية الوعيد.