إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

معلق ابن أبي ذئب: أيما رجل وامرأة توافقا فعشرة ما بينهما

          5119- (وَقَالَ‼ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ) هو: محمد بنُ عبدِ الرَّحمن بنِ المغيرةَ بنِ الحارثِ بنِ أبي ذئبٍ، فيما وصله الطَّبرانيُّ(1) والإسماعيليُّ وغيرهما: (حَدَّثَنِي) بالإفراد (إِيَاسُ بْنُ سَلَمَةَ ابْنِ الأَكْوَعِ) بكسر الهمزة وتخفيف الياء (عَنْ أَبِيهِ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صلعم ) أنَّه قال: (أَيُّمَا رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ تَوَافَقَا) في النِّكاح بينهما مطلقًا من غير ذكر أجل (فَعِشْرَةُ مَا بَيْنَهُمَا ثَلَاثُ لَيَالٍ) بفاء مفتوحة فعين مكسورة فمعجمة ساكنة، ولأبي ذرٍّ عن الحَمُّويي والمُستملي: ”بعِشرَةُ“ بموحدة مكسورة بدل الفاء، قال في «الفتح»: وبالفاء أصح. والمعنى: أنَّ إطلاقَ الأجل محمولٌ على التَّقييد بثلاثةِ أيَّامٍ بلياليهنَّ (فَإِنْ أَحَبَّا) الرَّجل والمرأة بعد انقضاء الثَّلاث (أَنْ يَتَزَايَدَا) في المدَّة تزايَدا، أو أن(2) يتناقصا تناقَصا (أَوْ) أحَبَّا أن (يَتَتَارَكَا) التَّوافق ويتفارَقا (تَتَارَكَا) قال سلمةُ ابنُ الأكوعِ: (فَمَا أَدْرِي أَشَيْءٌ كَانَ) الجواز (لَنَا) معشرَ الصَّحابةِ (خَاصَّةً أَمْ) كان (لِلنَّاسِ عَامَّةً؟) نعم وقع في حديثِ أبي ذرٍّ عند البيهقيِّ أنَّها أحلَّت للصَّحابة ثلاثة أيَّامٍ، ثمَّ نهى عنها.
          (قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ) البخاريُّ: (وَبَيَّنَهُ) ولأبي ذرٍّ: ”وقد بيَّنَهُ“ أي: حكم المتعة (عَلِيٌّ، عَنِ النَّبِيِّ صلعم أَنَّهُ مَنْسُوخٌ) وقد وقعَ الإجماعُ على تحريمها إلَّا الرَّوافض، وقد نقل البيهقيُّ عن جعفرِ بنِ محمد أنَّه سُئل عن المتعةِ فقال: هي الزِّنا بعينهِ، واختُلفَ: هل يحدُّ ناكح المتعةِ أم لا؟ وهو مبنيٌّ على أنَّ الاتِّفاق بعد الخلافِ هل يرفعُ الخلاف المتقدِّم؟ ومذهب الشَّافعية سقوطُ الحدِّ، ولو عُلم فسادَه لشبهةِ اختلافِ العلماء، ولو قال: نكحتُها متعةً ولم يزِدْ عليه فباطلٌ، يسقطُ بالوطءِ فيه(3) الحدُّ، ويلزمُ بالوطءِ فيه المهرُ والنَّسب والعدَّة، وأمَّا نكاحُ المحلِّل فإن شرط في العقدِ أنَّه يحلِّلها للذي طلَّقها ثلاثًا، أو إذا وطئها لا نكاحَ بينهما، أو أنَّه إذا حلَّلها طلَّقها لا يصحُّ؛ لأنَّه قد شرط قطعه دونَ غايته، فيبطلُ كنكاحِ المتعةِ، فإن عقدَ النِّكاح ليحلَّها لكنَّه لم يشترطْه(4) في صلبِ العقدِ صحَّ النِّكاح لخلوِّه عن المفسدةِ وَكُرِه(5).


[1] في (م) و(د): «الطبري».
[2] «أن»: ليست في (م) و(د).
[3] في (م) و(ب): «عند».
[4] في (س) و(ص): «يشرطه».
[5] في (م) زيادة: «ذكره».