إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

باب النظر إلى المرأة قبل التزويج

          ░35▒ (بابُ) استحباب (النَّظَرِ إِلَى المَرْأَةِ) والمرأة إلى الرَّجل (قَبْلَ التَّزْوِيجِ) والخطبةِ لحديث المغيرة عند التِّرمذيِّ وحسَّنه، والحاكم وصحَّحه: أنَّه خطب امرأةً، فقال النَّبيُّ صلعم : «انظُرْ إليها، فإنَّه أحرَى أن يؤدَمَ بينكُما» أي: تدومُ بينكما المودَّة والألفةُ، وأن يكونَ بعد العزمِ وقبل الخطبةِ لحديث أبي داود: «إذا ألفى امرؤٌ خطبةَ المرأةِ فلا بأس أن ينظُر إليها» وإنَّما اعتبرَ(1) ذلك(2) قبل الخطبةِ لأنَّه لو كان بَعْدُ فلربَّما أعرض عنها فيؤذيها. وقيَّد ابنُ عبدِ السَّلام استحباب النَّظر بمن يرجو رجاءً ظاهرًا أنَّه يُجاب إلى خطبتهِ دون غيره، ولكلٍّ أن ينظر إلى الآخر وإن لم يأذنْ له اكتفاءً بإذن الشَّارع، سواءً خشي فتنةً أم لا، والمنظورُ غير العورةِ المقرَّرة في شروطِ الصَّلاة، فينظرُ الرَّجل من الحرَّة الوجه والكفَّين لأنَّ الوجه يدلُّ على الجمالِ، والكفَّين على خصبِ البدَن، وينظرُ من الأمَة ما عدا ما بين السُّرَّة والرُّكبة، وهما ينظرانه(3) منه، والنَّوويُّ إنَّما حرَّم نظر(4) ذلك بلا حاجةٍ مع أنَّه ليس بعورةٍ لخوف الفتنةِ، وهي غيرُ معتبرةٍ هنا، فإن لم يتيسَّر نظره إليها بعثَ امرأةً تتأمَّلها وتصفُها له لأنَّه صلعم بعثَ أمَّ سليمٍ إلى امرأةٍ، وقال: «انظري عُرْقُوبَيها وشُمِّي عوارِضَها». رواه الحاكم وصحَّحه، والعوارضُ: الأسنانُ الَّتي في عرضِ الفم؛ وهي ما بين الثَّنايا والأضراسِ وذلك لاختبار النَّكهة، فإن لم تعجبْه سكتَ، ولا يقولُ: لا أريدها لأنَّه إيذاءٌ.


[1] في (ص): «اغتفر».
[2] في (م): «بذلك».
[3] في (د): «ينظران».
[4] «نظر»: ليست في (ص) و(د).