إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

باب حق إجابة الوليمة والدعوة

          ░71▒ (بابُ حَقِّ إِجَابَةِ الوَلِيمَةِ) أي: وجوبُ الإجابةِ إلى طعامِ العُرسِ (وَالدَّعْوَةِ) بفتح الدال على المشهور، وهي أعمُّ من الوليمةِ لأنَّ الوليمةَ خاصَّة بالعرسِ كما نقله ابنُ عبدِ البرِّ عن أهل اللُّغة، ونُقلَ عن الخليلِ وثعلب، وجزم به الجوهريُّ(1)، وابنُ الأثيرِ على هذا، فيكونُ قوله: «والدَّعوة» من عطفِ العام على الخاصِ (وَ) باب ذكر (مَنْ أَوْلَمَ سَبْعَةَ أَيَّامٍ) كما رواه ابنُ أبي شيبةَ من طريقِ حفصةَ بنتِ سيرين قالت: لما تزوَّج أبي دعا الصَّحابة سبعة أيَّامٍ... الحديث، وأخرجه البيهقيُّ أيضًا من وجهٍ آخر (وَنَحْوَهُ) أي: نحو السَّبعة. قيل: يشيرُ إلى رواية عبد الرَّزَّاق حديثُ حفصةَ المذكور، إذ فيه عنده: «ثمانية أيَّامٍ» بدل قوله في السَّابقة: «سبعة أيام»(2) (وَلَمْ يُوَقِّتِ النَّبِيُّ صلعم ) للوليمةِ وقتًا معيَّنًا يختصُّ به الإيجاب أو الاستحباب، لا (يَوْمًا وَلَا يَوْمَيْنِ) نعم أخرج أبو داود والنَّسائيُّ من طريق قتادةَ عن عبدِ الله بنِ عثمانَ الثَّقفيِّ، عن رجلٍ من ثقيفٍ كان يُثنى عليه _إن لم يكن اسمهُ(3) زهيرُ بنُ عثمانَ فلا أدري ما اسمهُ، يقوله قتادة_ قال: قال رسولُ الله صلعم : «الوليمةُ أوَّل يوم حقٌّ، والثَّاني معروفٌ، والثَّالثُ رياءٌ وسمعةٌ». لكن قال البخاريُّ في «تاريخه»: لا يصحُّ إسناده، ولا يصحُّ لزهيرٍ صحبةٌ. قال: وقال ابنُ عمرَ وغيره عن النَّبيِّ صلعم : «إذا دُعي أحدُكم إلى الوليمَةِ فليجب» ولم يخصَّ ثلاثة أيَّام ولا غيرها. انتهى.
          ولحديث زهيرِ بنِ عثمانَ شواهد منها: عند ابنِ ماجه من حديثِ أبي هريرةَ مثله. وفيه عبد الملك بنُ حسين وهو ضعيفٌ جدًّا، وأحاديثُ أُخَر ضعيفةٌ، لكنَّ مجموعها يدلُّ على أنَّ للحديثِ أصلًا، وقد عملَ بظاهر ذلك الحنابلة والشَّافعيَّة، فقالوا: تجبُ في اليوم الأوَّل، وتستحبُّ في الثَّاني، وتكره فيما بعده.


[1] في (د): «الهروي».
[2] «أيام»: ليست في (ص) و(س).
[3] «اسمه»: ليست في (م).