إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

باب الغيرة

          ░107▒ (بابُ الغَيْرَةِ) بفتح الغين المعجمة وسكون التحتية، مشتقَّةٌ من تغيُّر القلب وهيجانِ الغضب بسبب المشاركة فيما به الاختصاص، وأشدُّ ذلك ما يكون بين الزَّوجين.
          (وَقَالَ وَرَّادٌ) بفتح الواو والراء المشددة وبعد الألف دال مهملة، مولى المغيرة وكاتبه، فيما وصله المؤلِّف مطوَّلًا في «الحدود» [خ¦6846] (عَنِ المُغِيرَةِ) بن شعبة أنَّهُ قال: (قَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ) الخزرجيُّ السَّاعديُّ: (لَوْ رَأَيْتُ رَجُلًا مَعَ امْرَأَتِي لَضَرَبْتُهُ بِالسَّيْفِ غَيْرَ مُصْفِحٍ) بضم الميم وسكون الصاد المهملة وفتح الفاء وكسرها، أي: غير ضاربٍ بعرضه، بل بحدِّه للقتلِ والإهلاكِ، لا بعرضه للزَّجر والإرهاب‼. قال القاضي عِياض: فمن فتح جعله وصفًا للسَّيف وحالًا منه، ومن كسر جعله وصفًا للضَّارب وحالًا منه، وفي حديث ابن عبَّاسٍ عند أحمد _واللَّفظ له_ وأبي داود والحاكم: لمَّا نزلت هذه الآية: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ} الاية[النور:4] قال سعد بن عبادةَ: هكذا أنزلت، فلو وجدتُ لَكاعِ يفتَخِذُها رجلٌ لم يكن لي أن أحرِّكه ولا أهيِّجه حتى آتي بأربعةِ شهداء، فوالله لا آتي بأربعةِ شهداء حتَّى يقضي حاجته، فقال رسول الله صلعم : «يا معشر الأنصارِ، ألا تسمعونَ ما يقول سيِّدُكم؟» قالوا: يا رسول الله، لا تلمهُ فإنَّه رجلٌ غيورٌ، والله ما تزوَّج امرأةً قطُّ إلَّا عذراء، ولا طلَّق امرأة قطُّ فاجترأ رجلٌ منَّا أن يتزوَّجها من شدَّةِ غيرته، فقال سعدٌ: والله إنِّي لأعلم _يا رسول الله_ إنَّه لحقٌّ، وإنَّها من عند الله، ولكنِّي عجبت (فَقَالَ النَّبِيُّ صلعم : أتَعْجَبُونَ مِنْ غَيْرَةِ سَعْدٍ) بهمزة الاستفهام الاستخباري أو الإنكاري، أي: لا تعجبوا من غيرةِ سعدٍ (لأَنَا أَغْيَرُ مِنْهُ) بلام التَّأكيد (وَاللهُ أَغْيَرُ مِنِّي) وغيرته تعالى تحريمه الفواحشَ والزَّجرَ عنها والمنع منها لأنَّ الغيورَ هو الَّذي يزجرُ عمَّا يغارُ عليه.