إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

باب: {وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتى دخلتم بهن}

          ░25▒ هذا (بابٌ) بالتنوين في قوله تعالى: ({وَرَبَائِبُكُمُ اللاَّتِي فِي حُجُورِكُم مِّن نِّسَآئِكُمُ اللاَّتِي دَخَلْتُم بِهِنَّ}[النساء:23]) قال الزَّمخشريُّ: {مِّن نِّسَآئِكُمُ} متعلِّقٌ بـ {وَرَبَائِبُكُمُ} ومعناه: أنَّ الرَّبيبةَ من المرأةِ المدخولِ بها محرَّمةٌ على الرَّجلِ، حلالٌ له إذا لم يدخُل بها. انتهى. وذِكر الحُجُور جرى على الغالبِ فلا مفهومَ له، ولا فرقَ بين أن يكون الدُّخول في عقدٍ صحيحٍ أو فاسدٍ، والمرادُ بالدُّخولِ الوطءُ على الأصحِّ من قولي الشِّافعيِّ.
          (وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الدُّخُولُ، وَالمَسِيسُ، وَاللِّمَاسُ) بكسر اللام (هُوَ الجِمَاعُ) وهو الأصحُّ من قولي الشَّافعيِّ، وقاله أبو حنيفة (وَمَنْ قَالَ: بَنَاتُ وَلَدِهَا) أي: المرأة (مِنْ بَنَاتِهِ) وفي نسخة: ”هنَّ من بَناتِها“ أي: كحُكمِ بَناتِها(1) (فِي التَّحْرِيمِ) على الرَّجل (لِقَوْلِ النَّبِيِّ صلعم )‼ الآتي موصولًا [خ¦5106] (لأُمِّ حَبِيبَةَ) رملةَ بنت أبي سفيانَ: (لَا تَعْرِضْنَ) بفتح الفوقية وسكون العين وكسر الراء وسكون الضاد لوقوعِها قبل نون النِّسوةِ، مثل: تضربْنَ، وخطابهُ لجمعِ النِّسوةِ وإن كانت القصَّةُ لامرأتينِ لأمِّ سلمةَ وأمِّ حبيبةَ ليعمَّ(2) الحكمُ كلَّ امرأةٍ، وردعًا وزجرًا أن يعودَ له أحدٌ بمثلِ ذلك (عَلَيَّ بَنَاتِكُنَّ) وبنتُ الابنِ بنتٌ (وَلَا أَخْوَاتِكُنَّ. وَكَذَلِكَ حَلَائِلُ وَلَدِ الأَبْنَاءِ) أي: أزواجِهم (هُنَّ حَلَائِلُ الأَبْنَاءِ) أي: مثلهنَّ في التَّحريمِ، وهذا بالاتِّفاق، فكذلك بناتُ الأبناءِ وبناتُ البناتِ (وَهَلْ تُسَمَّى الرَّبِيبَةَ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ فِي حَجْرِهِ؟) الجمهور: تُسمَّى به(3)، سواءٌ كانت في حَجْرهِ أم لا لأنَّ ذكر الحجرِ خرجَ مخرجَ العادةِ لا مخرجَ الشَّرطِ، فهو تقييدٌ عرفيٌّ لا تقييدٌ للحكمِ بدليل قوله تعالى: {فَإِن لَّمْ تَكُونُواْ دَخَلْتُم بِهِنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ}[النساء:23] علَّق الإباحةَ بعدمِ الدُّخولِ فقط، ولو كانت الحرمةُ مقيَّدةً بهما لتعلَّقتِ الإباحةُ بعدمِهما، وقال عليٌّ: لا تحرمُ الرَّبيبةُ إلَّا إذا كانت في حَجْرهِ لظاهرِ الآية، وقول عليٍّ هذا رواهُ عنه ابنُ أبي حاتم في «تفسيره»، وقال به أيضًا عمرُ بن الخطاب فيما رواه أبو عُبيد.
          (وَدَفَعَ النَّبِيُّ صلعم رَبِيبَةً لَهُ) هي زينبُ بنت أم سلمة (إِلَى مَنْ يَكْفُلُهَا) وهو نوفلٌ الأشجعيُّ وقال له: «إنَّما أنتَ ظِئرِي» رواه البزَّار والحاكم موصولًا (وَسَمَّى النَّبِيُّ صلعم ) فيما سبق موصولًا في «المناقب» [خ¦3746] (ابْنَ ابْنَتِهِ) الحسن بن علي (ابْنًا) حيث قال: «إنَّ ابني هذَا سيِّدٌ» وثبتَ قوله: ”ومن قال...“(4) إلى هنا للمُستملي والكُشمِيهنيِّ(5).


[1] قوله: «وفي نسخة هن من بناتها أي كحكم بناتها»: ليس في (د).
[2] في (ص): «ليعلم».
[3] «به»: ليست في (م).
[4] في (م) و(ص): «ويروى عن يحيى».
[5] قوله: «وثبت قوله ومن قال إلى هنا للمستملي والكشميهني»: ليست في (د).