إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: نهى رسول الله أن تنكح المرأة على عمتها أو خالتها

          5108- وبه قال: (حَدَّثَنَا عَبْدَانُ) هو: عبدُ الله بنُ عثمانَ بنِ جبلة المروزِيُّ قال: (أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ) ابنُ المباركِ قال: (أَخْبَرَنَا عَاصِمٌ) هو ابنُ سليمانَ الأحول (عَنِ الشَّعْبِيِّ) عامرِ بنِ شراحيلَ أنَّه (سَمِعَ جَابِرًا) الأنصاريَّ ( ☺ قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللهِ / صلعم أَنْ تُنْكَحَ المَرْأَةُ عَلَى عَمَّتِهَا أَوْ) على (خَالَتِهَا) أي: أخت الأبِ، وأخت الأمِّ، وهذا حقيقةٌ، وفي معناهما: أختُ الجدِّ ولو من جهة الأمِّ، وأختُ أبيه وإن علا، وأختُ الجدَّة وأمُّها وإن علَتْ، ولو من قِبَل الأبِ. والضَّابطُ: أنَّه يحرمُ الجمع بين كلِّ امرأتين بينهما قرابةٌ، لو كانت إحداهما(1) ذكرًا لحَرُمَتِ المناكحةُ بينهما، والمعنى في ذلك: ما فيه من قطيعةِ الرَّحم كما مرَّ، مع المنافسةِ القويَّةِ بين الضَّرَّتين، ولا يحرمُ الجمع بين المرأةِ وبنتِ خالها أو خالتها، ولا بينَ المرأةِ وبنت عمِّها أو عمَّتها لأنَّه لو قدِّرت إحداهما ذكرًا لم تحرُمِ الأخرى عليه.
          وهذا الحديثُ مخصِّصٌ لقوله تعالى: {وَأُحِلَّ لَكُم مَّا وَرَاء ذَلِكُمْ}[النساء:24].
          (وَقَالَ دَاوُدُ) بنُ أبي هندٍ _فيما وصله أبو داود والدَّارميُّ_ (وَابْنُ عَوْنٍ) عبدُ الله البصرِيُّ _ممَّا وصله النَّسائيُّ_ كلاهما: (عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) فلفظ(2) روايةِ الدَّارمي: أنَّ رسول الله صلعم نهى أن تُنكح المرأةُ على عمَّتها أو المرأةُ على خالتها، والعمَّة على بنتِ أخيها‼ والخالةُ على بنتِ أختها، لا الصُّغرى على الكبرى، ولا الكبرى على الصُّغرى. وهذا كالبيان والتَّأكيد لقوله: «نهى أن تُنكح المرأةُ على عمَّتها...» إلى آخره. ولذلك لم يجِئْ بينهما بالعاطف، والعمَّة والخالة هي الكُبرى، وبنتُ الأخ وبنتُ الأخت هي الصُّغرى، بحسب المزيَّة والرُّتبة، أو لأنَّهما أكبرُ سنًّا منهما غالبًا، ولفظ أبي داود: «لا تُنْكح المرأةُ على عمَّتها، ولا على خالتِها» ولفظ النَّسائي: «لا تزوَّج المرأةُ على عمَّتها، ولا على خَالتِها».


[1] في (د) و(ص) و(م): «لو كان أحدهما».
[2] في (م) و(د): «بلفظ».