إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: هذا خير من ملء الأرض مثل هذا

          5091- وبه قال: (حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ) بالحاء المهملة والزاي، أبو إسحاقَ الزُّبيريُّ الأسديُّ قال: (حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي حَازِمٍ) عبد العزيزِ (عَنْ أَبِيهِ) أبي حازمٍ سلمةَ بن دينار (عَنْ سَهْلٍ) أي: ابن سعدٍ السَّاعديِّ الأنصاريِّ ☺ أنَّه (قَالَ: مَرَّ رَجُلٌ) غنيٌّ، لم يقفِ الحافظُ ابن حجرٍ على اسمه (عَلَى رَسُولِ اللهِ صلعم ، فَقَالَ) للحاضرين من أصحابِه: (مَا تَقُولُونَ فِي هَذَا؟ قَالُوا: حَرِيٌّ) بفتح الحاء المهملة وكسر الراء وتشديد التحتية، أي: حقيقٌ (إِنْ خَطَبَ) امرأةً (أَنْ يُنْكَحَ) بضم أوله وفتح ثالثه مبنيًّا للمفعول (وَإِنْ شَفَعَ) في أحدٍ (أَنْ يُشَفَّعَ) بضم أوله وتشديد الفاء المفتوحة، أي: أن تقبل شفاعتَهُ (وَإِنْ قَالَ أَنْ يُسْتَمَعَ) قوله (قَالَ) سهلٌ: (ثُمَّ سَكَتَ) رسولُ الله صلعم (فَمَرَّ رَجُلٌ) آخرُ، قيل: إنَّه جعيلُ بن سراقةَ كما في «مسند الرُّوياني»، و«فتوح مصر» لابنِ عبد الحكم، وغيرهما (مِنَ فُقَرَاءِ المُسْلِمِينَ، فَقَالَ) صلعم : (مَا تَقُولُونَ فِي هَذَا) الفقير المارِّ؟ (قَالُوا): هو (حَرِيٌّ) حقيقٌ (إِنْ خَطَبَ أَنْ لَا يُنْكَحَ، وَإِنْ شَفَعَ أَنْ لَا يُشَفَّعَ، وَإِنْ قَالَ أَنْ لَا يُسْتَمَعَ) لقوله لفقرهِ، وكان صالحًا دميمًا قبيحًا (فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلعم : هَذَا) الفقيرُ (خَيْرٌ مِنْ مِلْءِ الأَرْضِ مِثْلَِ هَذَا) الغنيِّ، وإطلاقُهُ التَّفضيل على الغنيِّ المذكورِ لا يلزمُ منه تفضيلُ كلِّ فقيرٍ على كلِّ غنيٍّ كما لا يخفَى. نعم فيه تفضيلهُ مطلقًا في الدِّينِ، فيطابقُ التَّرجمة، وقولهُ: «ملء» بالهمز، و«مثلَِ♣» بالنَّصب والجرِّ.
          وهذا الحديث أخرجهُ البخاريُّ أيضًا في «الرِّقاق» [خ¦6447] وابن ماجه في «الزُّهد».