إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: أن أبا حذيفة تبنى سالمًا وأنكحه بنت أخيه هندًا

          5088- وبه قال: (حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ) الحَكمُ بن نافعٍ قال: (أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ) هو: ابنُ أبي حمزةَ (عَنِ الزُّهْرِيِّ) محمد بن مسلمِ ابنِ شهابٍ أنَّه (قَالَ: أَخْبَرَنِي) بالإفراد (عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ ♦ : أَنَّ أَبَا حُذَيْفَةَ) مِهْشَم على المشهور، خالُ معاويةَ بن أبي سفيان (بْنَ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ) القرشيَّ العَبشميَّ(1) (_وَكَانَ مِمَّنْ‼ شَهِدَ بَدْرًا) والمشاهدَ كلَّها (مَعَ النَّبِيِّ صلعم _ تَبَنَّى سَالِمًا) أي: ابن مَعْقِل _بفتح الميم وسكون العين المهملة وكسر القاف_ من أهلِ فارسٍ، المهاجريَّ الأنصاريَّ (وَأَنْكَحَهُ) زَوَّجَهُ (بِنْتَ أَخِيهِ) بفتح الهمزة وكسر الخاء المعجمة (هِنْدَ) غير مصروفٍ للعلميَّة والتَّأنيث، ولأبوي الوقتِ وذرٍّ: ”هندًا“ لسكون وسطه (بِنْتَ الوَلِيدِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ، وَهْوَ) أي: سالمٌ (مَوْلًى لاِمْرَأَةٍ مِنَ الأَنْصَارِ) اسمها: ثُبَيْتَة _بضم المثلثة وفتح الموحدة وسكون التحتية وفتح الفوقية_ بنت يَعَار _بفتح التحتية والعين المهملة المخففة وبعد الألف راء_ ابن زيدِ بن عبيدٍ الأنصاريَّةُ، زوجُ أبي حذيفة المذكور (كَمَا تَبَنَّى) أي: كما اتَّخذ (النَّبِيُّ صلعم زَيْدًا) ابنًا (وَكَانَ مَنْ تَبَنَّى رَجُلًا فِي الجَاهِلِيَّةِ دَعَاهُ النَّاسُ إِلَيْهِ) فيقولون: فلان ابن فلان للَّذي تبنَّاه (وَوَرِثَ مِنْ مِيرَاثِهِ) كما يرثُ ابنهُ من النَّسبِ (حَتَّى أَنْزَلَ اللهُ) تعالى: ({ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ}... إِلَى قَوْلِهِ: {وَمَوَالِيكُمْ}[الأحزاب:5] فَرُدُّوا) بصيغة البناء للمفعول (إِلَى آبَائِهِمْ) أي: الَّذين ولدُوهم (فَمَنْ لَمْ يُعْلَمْ لَهُ أَبٌ) بضم التحتية مبنيًّا للمفعول (كَانَ مَوْلًى وَأَخًا فِي الدِّينِ، فَجَاءَتْ سَهْلَةُ) بفتح السين المهملة وسكون الهاء (بِنْتُ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو) بضم السين وفتح الهاء وسكون التحتية، وعَمرو بفتح العين (القُرَشِيِّ ثُمَّ العَامِرِيِّ _وَهْيَ امْرَأَةُ أَبِي حُذَيْفَةَ بْنِ عُتْبَةَ_) ضرَّة معتقة سالم الأنصاريَّة (النَّبِيَّ صلعم ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّا كُنَّا نَرَى) بفتح النون، نعتقدُ (سَالِمًا وَلَدًا) بالتَّبنِّي (وَقَدْ أَنْزَلَ اللهُ فِيهِ(2) مَا قَدْ عَلِمْتَ) من قوله تعالى: {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ}... (فَذَكَرَ) أبو اليمان الحكَمُ بن نَافعٍ شيخ البخاري (الحَدِيثَ) وتمامُه _كما عند أبي داود(3) والبرقانيِّ_: فكيفَ ترى؟ فقال رسول الله صلعم : «أَرضِعيهِ» فأرضعتهُ خمسَ رضعاتٍ، فكان بمنزلةِ ولدِهَا من الرَّضاعةِ؛ فبذلكَ كانت عائشة تأمرُ بناتَ إخوتها وبنات أخواتها(4) أن يرضعْنَ من أحبَّت عائشة أن يَراها ويدخُلَ عليها _وإن كان كبيرًا_ خمس رضعاتٍ، ثمَّ يدخلُ عليها، وأبَتْ أمُّ سلمةَ وسائرُ أزواجِ النَّبيِّ صلعم أن يدخلنَ عليهنَّ بتلك الرَّضاعةِ أحدًا من النَّاسِ حتى يرضعَ في المهدِ، وقلنَ لعائشةَ: والله ما ندرِي لعلَّها رخصةٌ من رسول الله صلعم لسالمٍ(5) دونَ النَّاسِ. وقد أخرج مسلم هذا الحديث من طريق القاسم بن محمد، عن عائشةَ. ومن طريق زينبَ، عن أمِّ سلمة، ففي روايةِ القاسمِ / عنده(6): جاءتْ‼ سهلةُ بنت سُهيل بن عَمرو فقالتْ: يا رسولَ الله، إنَّ في وجهِ أبي حذيفةَ من(7) دخولِ سالمٍ وهو حليفهُ، فقال: «أرضعيهِ». قالتْ: وكيف أرضعُهُ وهو رجلٌ كبيرٌ؟ فتبسَّمَ رسولُ الله صلعم وقال: «قَد علمتُ أنَّهُ رجلٌ كبيرٌ». وفي لفظ: فقالتْ: إنَّ سالمًا قد بلغَ ما يبلغُ الرِّجالُ، وإنَّه يدخلُ علينَا، وإنِّي أظنُّ أنَّ في نفسِ أبي حذيفةَ شيئًا من ذلك، فقال: «أرضعيهِ تحرمِي عليهِ» فرجعتْ إليه فقالت: إنِّي قد أرضعتُهُ فذهبَ الذي في نفسِ أبي حذيفةَ، وهذا مختصٌّ بسهلةَ وسالم، أو منسوخٌ، والجمهور(8) على خلافهِ، كما يأتي إن شاء الله تعالى بعونِ اللهِ وقوَّتِه في «أبوابِ الرَّضاعِ»(9).
          ومطابقة الحديث للترجمةِ من تزويجِ أبي حذيفةَ سالمًا الَّذي تبنَّاهُ، وهو مولى لامرأةٍ من الأنصارِ بنتَ أخيهِ هندَ، ولم يعتبِرْ فيه الكفاءَة إلَّا في الدِّين.
          والحديثُ أخرجهُ النَّسائيُّ أيضًا في «النِّكاح».


[1] في (ب): «العبسي».
[2] «فيه»: ليست في (ص).
[3] في (د): «ابن أبي داود» وهو تحريف.
[4] في (ج) و (ل) و(م): «بنات أخيها وأختها».
[5] «لسالم»: ليست في (م).
[6] في (ص): «عنه».
[7] في (د): «شيء من».
[8] في (م): «للجمهور».
[9] في (م) و(د): «الرضاعة».